44 مليار ريال حجم التدفقات المالية لصناديق الاسهم في الاسواق الناشئة

صناديق – الرياض

حققت صناديق الأسهم في الأسواق الناشئة بداية قياسية هذا العام، بتسجيلها صافي تدفقات داخلة بلغ في منتصف آذار (مارس) 44.5 مليار دولار، في حين وصل الطلب على سندات الأسواق الناشئة إلى “ما يشبه التوقف” وفقاً لصحيفة الاقتصادية.
هذا التحول العجيب علامة على أن المستثمرين لا يزالون متفائلين بشأن نمو السوق العالمية والأسواق الناشئة، الأمر الذي يعزز الأسهم، لكنهم يخشون من إمكانية أن تتعرض أسعار السندات للوهن بسبب الآثار الجانبية لتشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة.
قال كاميرون براندت، مدير الأبحاث في EPFR Global، وهي شركة لتزويد البيانات: “يبدو أن جانب السندات يشعر بالرياح الباردة الآتية من اتجاهات الدخل الثابت في الولايات المتحدة”. ويضيف: “بالتأكيد هناك بعض التحول هذا العام. السياسة النقدية الأمريكية تشكل بالتأكيد عاملا كبيرا، جنبا إلى جنب مع قصة النمو العالمي”.
وبحسب لوكاس مارتن، الخبير الاقتصادي المالي في معهد التمويل الدولي، البيانات تشير إلى “توقف شبه تام في التدفقات الداخلة إلى صناديق سندات الأسواق الناشئة” في الأسابيع الأخيرة. ويحتمل أن يكون هذا مدفوعا بمشاعر اللبس بشأن آفاق التجارة العالمية في أعقاب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب فرض رسوم جمركية على واردات الصلب والألمنيوم.
وعلى الرغم من المخاوف بشأن الدولار ـ الذي يحتمل أن يزداد قوة ـ وانتعاش التضخم، وإعادة تسعير علاوات المخاطر، لا يزال معهد التمويل الدولي يتوقع أن ترتفع التدفقات الرأسمالية الصافية في 17 من أكبر الأسواق الناشئة (باستثناء الصين) من 62 مليار دولار في عام 2017 إلى 107 مليارات دولار هذا العام.
لكن صناديق سندات الأسواق الناشئة المقومة بالعملات الصعبة والمحلية عانت، وفقا لـ EPFR، صافي تدفقات خارجة في شباط (فبراير) والنصف الأول من آذار (مارس)، مع تدفقات خارجة “كبيرة” من صناديق السندات الآسيوية ـ باستثناء اليابان ـ هي الأكبر منذ عام 2015، إلى جانب 200 مليون دولار تم سحبها من الصناديق الكولومبية، الأمر الذي أدى إلى جرجرة الرقم الرئيس إلى منطقة سلبية.
وقال براندت: “بالتأكيد صناديق السندات بدأت تتعرض لضغوط بعد جولة رائعة” منذ بداية عام 2017. وفي حين أن صناديق سندات الأسواق الناشئة لم تشهد سوى ثلاثة أسابيع من صافي التدفقات الخارجة في كامل عام 2017، عندما اجتذبت رقما قياسية بلغ 77.5 مليار دولار بالأرقام الصافية، شهد هذا العام حتى الآن أسبوعين سلبيين.
في المقابل، كان الارتفاع المبكر السنوي في صناديق أسهم الأسواق الناشئة قرابة ضعف الرقم القياسي للسنة السابقة حتى تاريخه، الذي تم تسجيله في عام 2012.
وفي حين أن العام لا يزال في أوله، فإن هذا القطاع في طريقه إلى تجاوز رقمه القياسي السابق للسنة الكاملة، وهو 95.7 مليار دولار من التدفقات الداخلة في عام 2010 – العام الماضي كان المرة الأخيرة التي تسجل فيها الأسهم شعبية أكبر من السندات.
جيف دينيس، رئيس استراتيجية الأسهم العالمية للأسواق الناشئة في “يو بي إس”، ينسب التدفقات الداخلة القوية إلى سوق قوية، مشيرا إلى ارتفاع الأسهم في الأسواق الناشئة 34 في المائة في العام الماضي و3.9 في المائة حتى الآن في 2018.
يقول: “في أعقاب هذه السوق الهابطة لفترة طويلة (انخفض المؤشر 43 في المائة من حيث القيمة بالدولار في الفترة من أيار (مايو) 2011 إلى كانون الثاني (يناير) 2016)، يستغرق الأمر وقتا طويلا بالنسبة لمستثمري التجزئة لبناء الثقة التي تشجعهم على العودة إلى فئة الأصول المذكورة”. ويضيف: “يتابع المستثمرون الاتجاهات، لكنهم نادراً ما يكونون في طليعتها. من وجهة نظري التدفقات الداخلة القوية هي أساسا مستمرة من العام الماضي”.
قد تكون العوامل الأخرى هي أن السوق الأمريكية يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها مكلفة للغاية، في حين أن الدولار الضعيف قد يدفع بالمال أيضا إلى الأسواق الناشئة.
ويلاحظ براندت أن الحماس للأسهم الناشئة عموماً تعزز بسبب التفاؤل الأكبر بشأن صحة الاقتصاد الصيني وآفاق نموه، خاصة في أعقاب إلغاء بكين حدود فترة الولاية الرئاسية، ما يخول الرئيس تشي جينبينج البقاء في السلطة إلى ما بعد نهاية فترته الحالية في عام 2023.
ويقول: “عادت المشاعر تجاه الصين إلى الإيجابية. الخوف من أن الصندوق الأسود الصيني يحتوي على مفاجآت غير سارة كان في الواقع عامل جرجرة ألقى بثقله على صناديق أسهم الأسواق الناشئة بشكل عام”. ويتابع: “الشعور هو أن توطيد السلطة، حتى لو لم يكن إيجابياً على المدى الطويل، يعني أن الأمور ستكون أبسط بكثير على المدى القصير. إذا كنت تعرف ما يريده تشي، فسيكون هذا هو اتجاه الاقتصاد”.
التوقعات بأن الصين ستحقق أهدافها للنمو الاقتصادي، حتى لو كان ذلك يعني التخفيف من جهودها الرامية إلى تقليص الرفع المالي في اقتصادها “توازن إلى حد كبير المخاوف التي أوجدتها سياسة ترمب التجارية”.
هذا العام كانت صناديق الأسهم البرازيلية تحظى بشعبية خاصة حتى الآن، لأن انخفاض أسعار الفائدة المحلية يوفر خلفية جذابة محتملة، مثل تلك التي ركزت على جنوب إفريقيا، التي شهدت أطول جولة من التدفقات الداخلة منذ 2015 في أعقاب انتخاب سيريل رامافوزا رئيساً.
رغم ذلك، التدفقات باتجاه الصناديق الآسيوية الناشئة كانت متقلبة، وسط حالة من القلق بشأن نزاعات تجارية محتملة مع الولايات المتحدة.
ويتبين الآن أيضا أن الزيادة المستمرة للدخول في صناديق أسهم الأسواق الناشئة كانت مفيدة على نحو غير عادي بالنسبة لمديري الصناديق النشطين الذين تعرضوا لضغط كبير في السنوات الأخيرة بسبب تزايد الصناديق الرخيصة المتداولة في البورصة التي تتبع المؤشرات.
وشكلت الصناديق النشطة 49 في المائة من صافي التدفقات الداخلة حتى الآن هذا العام، مقارنة بـ 19.5 في المائة في عام 2017. وفي عام 2016 عانى المديرون النشطون صافي تدفقات خارجة بلغت 21.9 مليار دولار حتى مع جذب الصناديق المتداولة في البورصة 19.3 مليار دولار.
واستنادًا إلى بيانات أسبوعية من EPFR، مبيعات المديرين النشطين تفوقت على مبيعات الصناديق المتداولة في البورصة بأكثر من مليار دولار ثلاث مرات حتى الآن هذا العام، وهو ما حدث مرة واحدة فقط في عام 2017 بأكمله.
ووفقا لدينيس، حصة المديرين النشطين “أعلى بكثير مما كانت عليه في عامي 2017 و2012، وهما السنتان الأخيرتان من صافي التدفقات الداخلة، وتتماشى مع النمط الذي كان سائدا في الفترة 2009-2010 التالية للأزمة”.
وجادل بأن الطبيعة شديدة التركيز لمكاسب السوق في عام 2017، عندما مثلت حفنة من شركات التكنولوجيا حصة من العائدات تفوق حجم تلك الشركات “أظهرت مزايا الاستثمار النشط، ونتيجة لذلك أعادت إحياء اهتمام المستثمرين بالصناديق غير المتداولة في البورصة”.
وأضاف: “كان الدليل الآتي من العام الماضي هو أن من الأفضل إعطاء أموالك لمدير حقيقي، وليس مجرد إلقائه في أي صندوق متداول في البورصة”. وقال دينيس في مرحلة متأخرة من دورة السوق “يشعر الناس بعدم الارتياح نوعا ما لكونهم يسيرون بحسب الطيار الآلي” وبالتالي يصبحون أكثر ميلا لتفضيل الصندوق النشط.

ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *