رئيس صندوق النقد العربي: 111.8 مليار دولار إجمالي استثمارات قطاع التقنيات المالية خلال 2018

صناديق - الرياض

كشف الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الحميدي المدير العـام رئيس مجلس الإدارة صندوق النقد العربي أن الصندوق يعمل في إطار جهوده لإنشاء نظام إقليمي لمقاصة وتسوية المدفوعات العربية البينية، على الاستفادة من حلول التقنيات المالية الحديثة لدعم تسريع وخفض كلفة وتحسين كفاءة مقاصة وتسوية المعاملات المالية والاستثمارية العربية البينية، ومع الشركاء التجاريين الرئيسين للدول العربية. سيتاح لكم الفرصة اليوم وغداً، للإطلاع على التطورات بشأن مشروع المقاصة العربية، حيث باشر الصندوق مرحلة التنفيذ منذ أبريل الماضي 2018.

وقال الحميدي خلال كلمته في افتتاح المؤتمر الإقليمي عالي المستوى حول “دور ترتيبات الدفع عبر الحدود في تعزيز التكامل المالي الإقليمي” أنه تم تصميم النظام ليتوافق مع مبادئ البنية التحتية لأسواق المال الصادرة عن بنك التسويات الدولية (PFMIs)، والمعايير الدولية الخاصة بمكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب الصادرة عن مجموعة العمل المالي (FATF)، والمعايير الصادرة عن مجلس الأمن بخصوص مكافحة الإرهاب، ولوائح المنع الصادرة من منظمة الأمم المتحدة. كذلك الإلتزام بالقوانين والتشريعات ذات الصلة الصادرة عن دولة مقر النظام، وأي لوائح تصدرها الدول التي يتم استخدام عملاتها كعملات للتسوية في النظام الإقليمي.

وأضاف تتمثل أهم ملامح نموذج عمل النظام، أنه يقوم على إنشاء آلية مركزية لمقاصة وتسوية المدفوعات عبر الحدود خلال اليوم بعملات متعددة، بما يراعي المتطلبات ليتوافق مع نظم الدفع لدى الدول العربية. كذلك يقوم التصميم كما ذكرت على الالتزام بالمعايير والمبادئ الدولية ذات الصلة. هناك مرونة في المشاركة في النظام من قبل المصارف المركزية والمصارف التجارية، وفقاً لمرئيات كل مصرف مركزي. والرؤيا أن يقوم النموذج على استخدام العملات العربية في عمليات المقاصة والتسوية، إلى جانب العملات الدولية الرئيسة. كذلك فإن النظام يقوم في مراحل تطبيقه الأولية على الحد من المخاطر الائتمانية عبر الاشتراط بتوفر الأموال في الحسابات قبل إجراء عملية التحويل. كما يسعى النظام لتقديم خدمات إضافية ذات قيمة مضافة، تتعلق بمقاصة وتسوية معاملات أسواق المال، وتمويل التجارة، وكذلك ربط نظم الدفع الصغيرة ونقاط البيع، بما يؤهل لبناء منظومة متكاملة من خدمات الدفع.

وأضاف : تراعي خطة التنفيذ التي تسير بخطى متسارعة، إرساء المتطلبات القانونية اللازمة لعمل نظام المقاصة العربية، وسرعة إنشاء الكيان التنظيمي وصولاً لمباشرة تقديم الخدمات في أقرب وقت ممكن، بالاستفادة من التقنيات المالية الحديثة وما تتيحه من فرص لتقديم منتجات مبتكرة ذات قيمة مضافة للبنوك الشريكة، مع مراعاة الامتثال الكامل لكافة المعايير والمبادئ الدولية ذات العلاقة.

وقال : يدرك الصندوق أن نجاح مرحلة التنفيذ يقوم على التواصل والتشاور مع جميع الأطراف ذات العلاقة. يأتي في مقدمتها المجلس الموقر لمحافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، كذلك من خلال إشراك المنسقين بالمصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، إلى جانب الاستفادة من خبرات أعضاء اللجنة العربية لنظم الدفع والتسوية، ومشورة المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين وبنك التسويات الدولية والخبراء والمستشارين المتخصصين، إضافة إلى التشاور مع البنوك التجارية والمؤسسات المالية وشركات الصرافة في الدول العربية الذين يمثلون المستخدمين للنظام، للتعرف على احتياجاتهم ومرئياتهم لتطوير خدمات وأنشطة نظام المقاصة العربية. التشاور قائم كذلك مع مقدمي الخدمات المالية على المستوى الدولي بسياق رؤية بعيد المدى لارتباط النظام بمنصات التسوية الأخرى. يأتي تنظيم المؤتمر اليوم في سياق حرص الصندوق على التواصل ومشاركة جميع الأطراف خاصة القطاع المالي والمصرفي.

وأشار الى ان صندوق النقد العربي يتطلع خلال فترة التنفيذ وما بعد بدء عمل النظام ومباشرته لخدماته وأنشطته، لبناء شراكات مع مختلف المؤسسات المعنية في القطاع الخاص، وفي مقدمتها البنوك التجارية للعمل معاً لتقديم خدمات ومبادرات تدعم من جهة الاهداف الاستراتيجية لنظام المقاصة العربية في تعزيز المعاملات الاقتصادية والمالية البينية العربية وتقوية الروابط مع الاقتصاد العالمي، وتسجيب من جهة أخرى بصورة مستمرة وديناميكية لاحتياجات البنوك والمؤسسات المالية الشريكة من خدمات مبتكرة وتنافسية للدفع، بما يواكب التحولات التي تشهدها صناعة وبيئة وتقنيات نظم الدفع والتسويات.

واعرب عن امله في أن تساهم المقاصة العربية من جهة في تسهيل وتعزيز المعاملات الاقتصادية والمالية العربية البينية، التي يقدرها صندوق النقد العربي، بنحو 830 مليار دولار سنوياً منها نحو 245 مليار دولار حجم التجارة العربية البينية لعام 2018، ومن جهة أخرى في تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية مع الشركاء التجاريين للعالم العربي في مختلف المناطق والقارات، حيث يصل حجم التجارة العربية الاجمالية مع الاقتصاد العالمي إلى نحو 1960 مليار دولار لعام 2018 كتقديرات أولية، أي نحو 5 في المائة من التجارة العالمية.

وزاد : لا يخفى عليكم الأهمية المتزايدة التي باتت تكتسبها استخدامات التقنيات المالية الحديثة في القطاع المالي والمصرفي والنمو الكبير والمتسارع الذي تشهده صناعة التقنيات والخدمات المرتبطة بها على مستوى العالم والفرص الكبيرة التي تتيحها على صعيد تعزيز كفاءة العمليات المالية والمصرفية وخاصة في مجال عمليات الدفع والتحويلات ودعم فرص الوصول للتمويل والخدمات المالية، وهو الامر الذي يستلزم التشاور بصورة مستمرة حول تداعيات استخدامات هذه التقنيات واتجاهاتها، سعياً لتعظيم الفائدة من الفرص التي توفرها من جهة والحد من الانعكاسات السلبية على سلامة ونزاهة العمل المالي والمصرفي من جهة أخرى. يتطلب ذلك الارتقاء بالأطر التنظيمية والرقابية لصناعة الخدمات المالية القائمة على التقنيات الحديثة، بما يحفز تطورها ونموها ويشجع على الابتكار في بيئة من الضوابط التي تعزز من الاستقرار المالي وكفاءة المؤسسات المالية والمصرفية وأسواق المال.

وبين ان التقنيات الحديثة تقدم فرص كبيرة على صعيد تطوير الخدمات المالية والمصرفية وتقديم منتجات أكثر تناسباً مع احتياجات العملاء، حيث توفر الوقت والتكلفة وتزيد من مستويات الشفافية في التعاملات المالية. كما أنها تحسن من كفاءة المعاملات المالية من خلال تعزيز عناصر السرعة والأمان والتتبع، إلى جانب ما يمكن أن تقدمه من تسهيل للمعاملات المالية عبر الحدود. كما تساعد هذه التقنيات على تخفيض تكاليف قواعد اعرف عميلك وتيسيرها، بتقديمها الكترونياً، وإثرائها من خلال تحليل البيانات الكبيرة.

تشير الاحصاءات الحديثة أن حجم الاستثمارات العالمية في قطاع التقنيات المالية بلغ 111.8 مليار دولار خلال العام الماضي 2018، مقابل حجم اسثمارات بلغ نحو 18.9 مليار دولار قبل خمس سنوات. وبلغت الاستثمارات في تقنيات البلوكشتين والعملات المشفرة نحو 4.5 مليار دولار في عام 2018 أي قريبة مما كانت عليه في عام 2017، في حين تضاعفت الاستثمارات في التقنيات التشريعية والرقابية (Regtech) من 1.2 مليار دولار في عام 2017 إلى 3.7 مليار دولار في عام 2018. وقفزت عمليات الاندماج والاستحواذ لشركات التقنيات المالية عبر الحدود، من 18.9 مليار دولار في عام 2017 إلى 53.5 مليار دولار في عام 2018.

وتستحوذ خدمات الدفع على حصة مهمة من اهتمامات التقنيات المالية الحدثية، نظراً لما تمثله هذه الخدمات من إيرادات مهمة للمؤسسات المالية والمصرفية. تشير الاحصاءات أن ايرادات خدمات الدفع على مستوى العالم بلغت 1.9 تريليون دولار في عام 2018 منها حوالي 200 مليار دولار ايرادات خدمات الدفع عبر الحدود، وهي مقدرة لتبلغ حوالي 2.9 تريليون دولار في عام 2022 منها نحو 305 مليار دولار للخدمات عبر الحدود. وتقدر حصة إيرادات خدمات الدفع نحو 30 في المائة من إجمالي إيرادات البنوك. ويتوقع أن تشهد خدمات الدفع عبر الحدود نمواً مضطرداً مع تزايد التجارة الالكترونية التي بلغت نحو 3 تريليون دولار في عام 2017 (نحو 13 في المائة من التجارة العالمية)، حيث يتوقع أن تتضاعف التجارة الالكترونية بحلول عام 2022 لتصل لحوالي 6 تريليون دولار، وخاصة عبر الهاتف النقال حيث تمثل عمليات التجارة الالكترونية عبر الهاتف النقال نحو 48 في المائة من عمليات التجارة الالكترونية في عام 2017، لترتفع الى حوالي 70 في المائة بحلول عام 2022.

إضافة للوفورات المحققة من خفض تكاليف التحويلات المالية وزيادة كفاءة عمليات نظم المدفوعات والتسوية، تشير التقديرات كذلك أن استخدام التقنيات الحديثة وخاصة تقنيات البلوكتشين سيساهم في تخفيض التكاليف التشغيلية للمصارف العالمية بنسبة تتراوح ما بين 30 إلى 70 في المائة بحلول عام 2025. وفي سياق استخدام تقنيات البلوكتشين، فإن التقديرات تشير أن ما يعادل نحو 10 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي العالمي، سيتم تخزينه من خلال هذه التقنيات بحلول عام 2025، وأن ما ستقدمه هذه التقنيات من مكاسب اقتصادية عالمية يقدر بنحو 3.1 تريليون دولار بحلول عام 2030.

واكد ان صندوق النقد العربي يولي اهتماماً كبيراً بمواضيع التقنيات المالية الحديثة وتطبيقاتها، إدراكاً منه للفرص الكبيرة التي تتيحها هذه التقنيات، فقد حرص الصندوق في إطار مسؤوليته كأمانة فنية على تضمين برامج اجتماعات مجلس وزراء المالية العرب ومجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية واللجان وفرق العمل المنبثقة عنهما، لمواضيع تطبيقات التقنيات المالية الحديثة ودراسة تداعياتها على الاقتصاد والاستقرار والشمول المالي، بما يشجع على تبادل التجارب والخبرات بين الدول العربية في هذا الشأن. الى جانب العمل على طرح موضوع التقنيات المالية في العديد من المؤتمرات وورش العمل عالية المستوى التي نظمها الصندوق، فعلى سبيل المثال نظم الصندوق في العام الماضي 2018 بالتعاون مع المؤسسات الدولية الشريكة، خمسة مؤتمرات على مستوى كبار المسؤولين تناولت قضايا التقنيات المالية تم عقد اثنيين منها في مدينة مقره في أبوظبي والثلاثة البقية في مدننا عمّان والجزائر ومراكش.

ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *