الجمعة 10 شوال 1445هـ 19-أبريل-2024م
ADVERTISEMENT

صناديق دول النفط تتطلع للموارد المتجددة بجانب الوقود الأحفوري

صناديق - وكالات

تتحرك صناديق الثروة السيادية من الدول الغنية بالنفط في الشرق الأوسط صوب تنويع استثماراتها لتشمل الطاقة المتجددة، مدفوعة بقواعد تنظيمية وتعهدات بشأن تغير المناخ، لكنها تحجم عن الاقتداء بالنرويج في التخلي عن بعض استثمارات النفط والغاز.

ووفقا لـ « رويترز » فان إجمالي استثمارات صناديق الثروة السيادية في قطاع النفط والغاز أضخم بكثير من استثماراتها في الطاقة المتجددة على مدى السنوات العشر الأخيرة لكن بيانات الاستثمار المباشر مع مساهمات صناديق الثروة السيادية تشير إلى أن هذا التوازن ربما يشهد تحولا. ففي 2018، ذهبت استثمارات بقيمة 6.36 مليار دولار إلى النفط والغاز مقارنة مع 5.81 مليار دولار في الطاقة المتجددة، في أحد أضيق الفروق بين القطاعين للسنوات العشر الأخيرة وفقا لشركة البيانات والأبحاث بيتش بوك، وبيانات استثمارات صناديق الثروة السيادية عبر أسواق الأسهم والسندات أصعب في تفسيرها إذ أن الكثير من هذه الصناديق لا تفصح عن تلك المعلومات.

وقال صندوق الثروة السيادي النرويجي البالغ حجمه تريليون دولار، وهو الأكبر في العالم، الشهر الماضي إنه سيبيع حصصا في شركات لاستكشاف وإنتاج النفط والغاز. لكن الصندوق قال أيضا إنه سيظل يستثمر في شركات الطاقة التي تملك مصافي وأنشطة أخرى بقطاع المصب مثل رويال داتش شل وإكسون موبيل.

وتأتي أموال صندوق النرويج من ثروة البلاد من النفط والغاز، ويقول الصندوق إن خطته الاستثمارية ستجعله أقل انكشافا على خطر انخفاض دائم في سعر النفط، الذي هبط أكثر من 40 بالمئة منذ أحدث ذروة له المسجلة في يونيو حزيران 2014.

لكن مصادر مقربة من الصناديق ومحللين يقولون إن من غير المتوقع أن تحذو صناديق ثروة سيادية أخرى من دول غنية بالنفط حذوه.

وقال أشبي مونك المدير التنفيذي بمركز المشاريع العالمية في جامعة ستانفورد ( لا أتوقع أن يحذو الكثير من أمناء الاستثمار هذا الحذو حتي يأتي وقت يمكن فيه إثبات أن نشاط التخارج من الاستثمارات هذا لا يلحق الضرر بالعوائد).

وأضاف ( سيكون من المنطقي من زاوية الموازنة الوطنية لبعض أولئك المستثمرين أن يعمدوا إلى التنويع، لكنهم لن يفكروا من واقع ميزانياتهم الوطنية).

وقال إنه بدلا من اتباع نهج استراتيجي لتصميم المحفظة يأخذ في الاعتبار الثروة الوطنية للبلاد، سواء الموارد الطبيعية أو المالية، فإن ما يجري عادة هو دفع الصناديق للتركيز فحسب على المصالح التجارية والمالية.

وتلتزم الكثير من الصناديق السيادية طوعا بمبادئ سانتياجو، وهي مجموعة من المبادئ التوجيهية التي تم الاتفاق عليها في 2008 وتحكم كيفية عمل صناديق الثروة السيادية. ويشمل ذلك الاستثمار استنادا إلى أسس المخاطرة الاقتصادية والمالية واعتبارات العائد ذات الصلة.

في حين تتبنى معظم الصناديق السيادية تلك المبادي، فإن النرويج، وهي من بين عدد محدود من الدول الديمقراطية ذات الصناديق النفطية، تغرد خارج السرب، إذ تعمل في إطار مبادئ توجيهية أخلاقية يضعها البرلمان.

وقال مصدر مقرب من الصندوق في إشارة إلى شفافيته النسبية بالمقارنة مع صناديق أخرى وعدم استثماره في شركات معينة لأسباب أخلاقية ”ثقافيا، هم مختلفون“.

ويستثمر جهاز أبوظبي للاستثمار، ثاني أكبر صندوق نفطي من حيث الأصول بعد النرويج، في أسهم النفط والغاز بما يتماشى فقط مع وزنها في مؤشرات الأسهم، وفقا لمصادر مطلعة على استراتيجيته.

وقال أحد المصادر إن الجهاز لا يعتزم تغيير محفظته اقتداء بما فعلته النرويج.

وقال مصدر مطلع على استراتيجية مبادلة للاستثمار، وهي أداة استثمار أخرى لأبوظبي، إنه على نحو مماثل، فإن مبادلة غير ملتزمة بخفض انكشافها على قطاع النفط والغاز، الذي يشكل قرابة 20 بالمئة من محفظتها.

وتشكل الطاقة المتجددة ما يقل عن خمسة بالمئة من إجمالي حجم محفظة مبادلة.

ويستثمر جهاز قطر للاستثمار في توتال وجلينكور وفقا لموقعه الإلكتروني. ويملك الجهاز أيضا 19 بالمئة في شركة النفط والغاز الروسية العملاقة روسنفت.

في المقابل، فإن صندوق الاستثمارات العامة السعودي لا يركز على النفط والغاز. وفي الأسبوع الماضي، باع الصندوق أصله الوحيد المرتبط بالقطاع، وهي الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، مقابل 69.1 مليار دولار في واحدة من أكبر الصفقات في قطاع الكيماويات العالمي.

وقال مصدر مطلع على استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة ”الأمر يتعلق بتنويع الاستثمارات بعيدا عن قطاع وإيرادات النفط والغاز“.

تغير المناخ والقواعد التنظيمية

في 2018، كان جهاز أبوظبي للاستثمار وجهاز قطر للاستثمار وصندوق الاستثمارات العامة السعودي والصندوق النرويجي من بين ستة صناديق اتفقت على إطار عمل يُعرف باسم الكوكب الواحد، متعهدة بإضافة اعتبارات تغير المناخ في حساب قرارتها الاستثمارية، في مؤشر على أن الصناديق ستبدأ في تغيير نهجها.

وقال خافيير كابابي مدير أبحاث الثروة السيادية لدى جامعة آي.إي ”في وقت (مبادئ سانتياجو)، لم يكن الخطر المناخي ليستحق الذكر حتى كعنصر ذي صلة بممارسة الاستثمار السليم طويل الأجل بين صناديق الثروة السيادية… حاليا، الخطر المناخي يكاد يكون على كل لسان وبدأت رؤية ذلك في الاستثمارات.

وقالت المصادر المطلعة على استراتيجية جهاز أبوظبي للاستثمار إن الجهاز يبني انكشافا كبيرا ومتناميا على الطاقة المتجددة عبر استثماراته في شركات الطاقة الخضراء مثل رينيو باور وجرينكو في الهند وبنك جرين انفستمنت البريطاني.

ويقوم صندوق الاستثمارات العامة بدور كبير في مجال الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة، إذ وافق على استثمار ما يزيد على مليار دولار في لوسيد موتورز، التي تقوم بتصنيع السيارات الكهربائية، ويعمل مع سوفت بنك وآخرين في مشاريع كبيرة للطاقة الشمسية.

وقد يحذو مزيد من الصناديق السيادية ذلك الحذو في الوقت الذي تطلب فيه الهيئات التنظيمية في أوروبا وأماكن أخرى من المؤسسات الاستثمارية تنقية محافظها.

وكان لفرنسا دور الريادة عبر سن قوانين في 2016 تلزم المؤسسات الاستثمارية بالإفصاح عن تفعيل المعايير البيئية والاجتماعية والمتعلقة بالحوكمة في محافظها.

وقالت فابيانا فيديلي مديرة محافظ أسهم الأسواق الناشئة لدى روبيكو لإدارة الأصول ”أعتقد أن المزيد من صناديق الثروة السيادية سيدقق في أمواله ويطبق بعض الفحص السلبي (من خلال استثناء شركات معينة)“.

وأضافت أن هناك إدراكا متناميا بأن المعايير البيئية والاجتماعية والمتعلقة بالحوكمة تساعد في تعزيز العوائد لكن خطر السمعة أيضا موضع اهتمام، على الأخص بالنسبة لصناديق الثروة السيادية، فضلا عن خطر مخالفة القواعد التنظيمية.

ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *