الجمعة 17 شوال 1445هـ 26-أبريل-2024م
ADVERTISEMENT

«إتقان كابيتال»: كورونا الشرارة الأولى التي أشعلت نقاط ضعف الاقتصاد العالمي

صناديق - الرياض

ذكرت شركة «إتقان كابيتال» أن انتشار فيروس كورونا الشرارة الأولى التي أشعلت نقاط الضعف الكامنة في جسد الاقتصاد العالمي، فلم يرد في أذهان خبراء الاقتصاد والمحللين الماليين حجم ما آلت إليه الأمور في الربع الأول من العام 2020

وأضافت «إتقان» في مذكرة بحثية حصلت «صناديق» على نسخة منها، أن أكثر تلك الخبراء توقعوا حدوث أزمة اقتصادية كتلك التي كانت في عام 2008، فالكل كان يؤمن أن هناك دورة من الركود الاقتصادي تكرر نفسها كل عشرة أعوام، وكان من المتوقع أنه باستطاعة الحكومات والبنوك المركزية الكبرى احتواء الأزمة قبل وقوعها إذا عمل الجميع بحكمة وتناغم

وأِشارت المذكرة إلى أن الأقدار فاجأت الجميع مع نهاية العام 2019 بسيناريو آخر لم يتوقعه أكثر المحللين تشاؤماً، إذ ظهر فيروس كورونا الذي بدا أنه وباء القرن الجديد. فمع انتشار الفيروس خارج حدود الصين وتبعات هذا المرض لم تتوقف، حيث بدأت بتعطيل جزئي للحركة التجارية، ثم انخفاض النشاط الاقتصادي، متبوعا بتوقف كبير للقطاع الصناعي داخل الصين، مما أثر في سلاسل الإمداد العالمية التي تلعب الصين فيها دور رئيسي.

ولفتت إلى أن هذه الأحداث توافقت مع اجتماع أعضاء منظمة أوبك لمناقشة الاتفاق حول تخفيض الإنتاج الذي كانت السعودية ومعها بقية أعضاء المنظمة يهدفون إلى إجراء مزيد من الخفض بعد تداعيات فيروس كورونا، لكن روسيا كان لها رأي آخر وفاجأت الجميع حيث رفضت إجراء أي تخفيض بل لم تتفق على تمديد الخفض الحالي، الأمر الذي أدى إلى مفاجأة أكثر حدة من قبل السعودية التي أعلنت أنها ستقوم برفع الإنتاج مع إعطاء خصم لعملائها.

وقالت إنه مع هذه الأحداث السريعة والمفاجأة شهدت الأسواق المالية انهيارات في مختلف دول العالم، بالإضافة إلى تهاوي أسعار النفط في أقل من أسبوعين لما دون 30 دولار محققا انخفاضات بنسبة تجاوزت الـ 50%، حتى الذهب والذي الملاذ الآمن كما يُطلق عليه في أوقات الأزمات الاقتصادية تهاوى هو الأخر في مشهد غريب لم يتكرر كثيرا.

وأَضافت أن مع ذلك قام الفيدرالي بتخفيض للفائدة بشكل مفاجئ وعنيف مرتين لم يفصل بينهما أسبوعين (الأولي في 3 مارس بمقدار 0.5%، والثاني في 16 مارس بمقدار 1%) لتقترب الفائدة الآن من الصفر، وإقرار خطة تحفيز كمي بمقدار 700 مليار دولار، مبينا أن ذلك لم يقدم رسالة طمأنة للأسواق، بل أعطى مزيد من الإشارات إلى الأسواق أن الوضع خطير جدا، وهو ما أثار الذعر مرة أخرى لتستمر كافة الأسواق في الهبوط.

وأكدت المذكرة البحثية أن الأسواق لا تستجيب الآن لأدوات التحفيز المتبعة في النظام الرأسمالي، والتي تتمحور حول تخفيض سعر الفائدة وخطط تحفيز كمي بضخ مزيد من الأموال في الأسواق، بل العكس هو ما حدث، حيث استقبلت الأسواق أدوات التحفيز بمزيد من الانهيارات المتتالية التي لا يستطيع أحد توقع مداها.

وقالت أن المشكلة الآن أن الاقتصاد العالمي يواجه خللاً مشتركاً على جانبي العرض والطلب في نفس الوقت، لأن فيروس كورونا يخلق توقفًا مفاجئًا ومتزامنا على الجانبين. ‏فمعالجات الركود عن طريق تحفيز جانب الطلب يخلق مزيد من القوة الشرائية في أيدي الناس لتقوم بالشراء أكثر، فيرتفع الطلب، وتبدأ عجلة الإنتاج شبه المتوقفة في الدوران مرة أخري، وعن طريق أثر المضاعف يبدأ الاقتصاد في الانتعاش مرة أخرى.

وأشارت إلى أنه بالنظر للوضع القائم الآن بسبب فيروس كورونا أن معظم الحركة شبة متوقفة (الطيران، المتنزهات، المراكز التجارية، الترفيه، مدارس وجامعات، إجازات إجبارية للموظفين، وغيرها والدعاوى للبقاء في البيوت وجدت آذان صاغية من الكثير – جبرا أو اختيار – للحد من انتشار الفيروس، ومن ثم تصبح الآلية التقليدية لتشجيع الطلب غير فاعلة حيث الناس في المنازل، واستهلاكهم منخفض، والتوجه العام في معظم البلدان هو عدم الخروج من المنزل إلا للضرورة القصوى.

أما جانب العرض، فهو الآخر ليس أفضل حالا، فسلسلة العرض – في حال انتشار المرض لا قدر الله – ستعاني بشدة. وقد شاهدنا ذلك كنموذج مصغر في الصين عندما كانت حالات الإصابة عند معدلاتها القصوى، تسبب ذلك في تقييد كبير لحركة الأشخاص والسلع والخدمات وما تبعه من إجراءات احترازية لاحتواء الوباء كإغلاق المصانع والشركات، الأمر الذي ترتب عليه هبوط كبير في حجم الإنتاج والذي سيضر إجمالي الناتج المحلي بشكل مباشر. أما خارج الصين فستتأثر تباعاً سلاسل التوريد وحركة الطيران وقطاع السياحة وانتقال السلع والخدمات بالإضافة إلى انخفاض الثقة الذي ألقي بظلاله على أسواق المال والبورصات العالمية.

وذكرت أن وكالة التجارة والتنمية التابعة للأمم المتحدة أشارت إلى إن التباطؤ في الاقتصاد العالمي الناجم عن تفشي فيروس كورونا من المرجح أن يسبب تباطأ في الاقتصاد العالمي إلى أقل من 2% لهذا العام، ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى انخفاض الناتج المحلى الإجمالي بحوالي 1 تريليون دولار وقد تصل إلى 2 تريليون دولار في أسوأ التوقعات.

ولمواجهة هذه المخاوف، قررت الحكومات الإنفاق في هذه المرحلة لمنع المزيد من الانهيار الذي يمكن أن يكون أكثر ضرراً على مدار العام. ومن ثم أعلنت دول عربية وعالمية عن إجراءات لدعم اقتصاداتها -خاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة- في مواجهة تداعيات فيروس كورونا الجديد على أراضيها.

فالسعودية أعددت حزمة بقيمة 50 مليار ريال (13 مليار دولار) لمساعدة المنشآت الصغيرة والمتوسطة على مواجهة الآثار الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا، والإمارات قامت بتخصيص حزمة بقيمة 27 مليار دولار لاحتواء تداعيات تفشي الفيروس.

ومصر خصصت تمويل بقيمة 100 مليار جنيه مصري (6.38 مليارات دولار) في إطار خطة للتعامل مع أي تداعيات لفيروس كورونا، وأما المغرب أسست صندوق بقيمة مليار دولار لمواجهة أزمة كورونا.

وفي بريطانيا، تعهدت الحكومة بحزمة حوافز اقتصادية بقيمة 30 مليار جنيه إسترليني (39 مليار دولار)، لتجهيز الاقتصاد البريطاني لمواجهة تأثيرات انتشار فيروس كورونا، وفي ألمانيا، فقد كشفت عن خطط لضخ مليارات لمواجهة تداعيات تفشي الفيروس، كما أن ولاية بافاريا الألمانية خصصت عشرة مليارات يورو لحماية اقتصادها.

وأما إيطاليا فتم تخصيص 25 مليار يورو لمكافحة فيروس كورونا والتعامل مع الأزمة المتفاقمة في البلاد، وفي فرنسا فقد قدمت الدولة مساعدات بقيمة 45 مليار يورو لدعم الشركات والموظفين.

وفي سويسرا، رصد 10 مليارات فرنك (10.5 مليارات دولار) لتخفيف الأثر الاقتصادي لفيروس كورونا، والمفوضية الأوروبية أسست صندوق استثماري للاتحاد بقيمة 25 مليار يورو (28 مليار دولار) للتغلب على الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الفيروس.

وفي الولايات المتحدة قامت بخفض المركزي الأميركي النطاق المستهدف لأسعار الفائدة إلى ما بين الصفر و0.25%، وقال إنه سيرفع ميزانيته بمقدار 700 مليار دولار على الأقل في الأسابيع المقبلة.

وفي روسيا، أطلق صندوق لمكافحة الأزمات بـ 4 مليارات دولار لدعم الاقتصاد في ظل تفشي كورونا، وأما أستراليا ضخت نحو 17.6 مليار دولار أسترالي (11.4 مليار دولار أميركي) لدعم الاقتصاد خوفا من ركود اقتصادي نتيجة تفشي الفيروس.

ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *