الخميس 9 شوال 1445هـ 18-أبريل-2024م
ADVERTISEMENT

«كورونا» يغير حسابات وخطط مديري صناديق الاستثمار لعام 2020

صناديق – خاص

في خضم الخسائر التي تتكبدها الأسواق المالية العالمية وعانت منها اقتصادات الدول شهدت تفشيا لفيروس كورونا في مقدمتهم الصين، ستغير معطيات العملية الاقتصادية بالكامل وستهتز ثقة في مستقبل الاقتصاد العالمي وسيدفع ذلك صناديق الاستثمار إلى تغيير حساباتها والبحث عن الملاذات الآمنة للحفاظ على قيمة أصولها.

وقال مختصون ومحللون في تصريحات خاصة لــ«صناديق»، إن معنويات المستثمرين بشكل عام منخفضة مع استمرار تفشي كورونا المستجد، وستحاول صناديق الاستثمار العالمية إعادة ترتيب توجهات الاستثمارية بما يتوافق مع معطيات الأسواق الحالية.

وترى كريستالينا جورجيفا مديرة صندوق النقد الدولي، أن حالة عدم اليقين بشأن السيطرة على فيروس «كورونا الجديد» تتطلب الاستعداد لمزيد من السيناريوهات خلال 2020، متوقعة آثارا سلبية على النمو الاقتصادي للصين وجميع دول العالم بسبب الوباء، مضيفة «سيكون من الحكمة الاستعداد لمزيد من السيناريوهات السلبية».

وظهر فيروس كورونا الجديد في الصين، لأول مرة في 12 ديسمبر 2019، بمدينة ووهان، إلا أن بكين كشفت عنه رسميا منتصف يناير الماضي.

القدرة الاحترافية

ومن جهته أكد محمود يوسف الكوهجي الرئيس التنفيذي لشركة «أرباح المالية»، أن مدراء الاستثمار في الصناديق الاستثمارية بالسوق المالية السعودية وبفضل القدرة الاحترافية التي تميزوا بها في حماية الأصول وحصص المستثمرين في الصناديق استطاعوا تفادي انهيارات السوق مدركين المتغيرات السريعة التي طرأت عليه، وبهذا استطاعوا على أرض الواقع تخفيف الآثار السلبية الناجمة عن تأثر الأسواق نتيجة فيروس كورونا وهذا الأمر لم يشاهد في أزمة 2008.

وقال إن المستثمرين في صناديق الاستثمار العامة تستثمر في الأسهم بالتأكيد تأثروا نتيجة هذه الأزمة متجهين بجدية على الشراء والخروج بفائدة من هذه الأزمة، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن المستثمرين في صناديق خاصة والتي لا يوجد فيها مضاربات أو لا تتأثر بأخبار وسائل الإعلام فهذه نسبة التأثير مختلفة من صندوق لآخر كون هذه الصناديق عادة تكون مرتبطة بقطاعات إنتاجية كقطاعات لتجزئة والصناعة والصحة، وهذه تأثيرها ليس كبيراً كصناديق الاستثمار في الأسهم العامة.

 

محمود يوسف الكوهجي

وأضاف أن هناك صناديق تربح وصناديق تخسر في هذه الأزمة ولكن حتى الآن رصدنا بالفعل أن هناك مستثمرين دخلوا في صناديق استثمار بعد شعورهم بالأمان أكثر فيها، فاليوم الملاذ الآمن لهم في الاستثمار في السوق مع نزول سعر الفائدة أصبحت في أدوات استثمارية محدودة ومنها وسوق الأسهم من المحتمل والمتوقع بعد فترة أن تكون الأسعار مغرية وجاذبة لبعض المستثمرين.

وتحدث الكوهجي بأنه واليوم نحن كرؤساء تنفيذيون بدأنا نخطط بشكل جيد للبدء في الاستثمار في رؤؤس أموالنا في الفرص التي نجد فيها عائد مناسب لنا ولمستثمرينا، خاصة أن الأزمات تولد فرص حقيقة ولهذا نتوجه إليها أيضاً اليوم يوجد فرص في الصكوك والسندات الحكومية وبها أمان وعلى عوائد اقتصادية بسيطة.

وأفاد الرئيس التنفيذي لشركة  «أرباح المالية» بأن الوضع الاقتصادي في الوقت الراهن خلق ضبابية لكن يوجد فرصة عديدة مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الخطوات المطبقة حالياً من بعض الدول أكثر تحوطاً من أي أزمة مالية ماضية والتي كانت مفاجأة للكل وكانت ضرراً على كافة المستثمرين والدول، فاليوم لم تكن المفاجأة قوية جداً حيث أن الدول والمستثمرين كانوا مستعدين بشكل أكبر ما جعل امتصاص التأثير من هذه الأزمة عالي الحرفية.

حالة فزع

وقال جون لوكا مدير التطوير بشركة «ثانك ماركتس» مقرها دبي، إن حالة الفزع التي تجتاح الأسواق ستوثر على بوصلة استثمارات الصناديق وستحولها للأصول الآمنة، ولكن قرارات البنوك المركزية وخطط الحكومة التحفيزية ستحافظ على بعض الثقة وتخفض حالة عدم اليقين بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي.

وأضاف لوكا أن قرارات خفض الفائدة الأخيرة من الفيدرالي الأمريكي ودول الخليج سيحافظ على جاذبية أسواق الأسهم.

جون لوكا


وأوضح أن صناديق المؤشرات المتداولة تجاوز أصولها 11 تريليون دولار مستفيدة من تعافي الأسواق المالية بالسنوات الماضية، وسيستغرق الأمر وقتا أطول حتى تتخارج الصناديق التي تستثمر بها بسبب تفشي “كورونا” إلا إذ أصبح الفيروس وباء عالمي وخرج عن سيطرة الجميع.

ويري لوكا أن ما يحدث في الأسواق حالياً، غير قابل للتحليل، ولا يمكن معه تحديد اتجاهات السوق مستقبلا، ولكن يمكن أن مزيد من الإقبال على الذهب كأفضل الملاذات الآمنة حاليا ويتضح ذلك من ارتفاع أوقية الذهب وتجاوزها 1600 دولار.

موجة بيع

وقال أرون ليزلي جون رئيس الباحثين لدى «سنشري فاينانشال»، إن تفشي فيروس كورونا سريع الانتشار، وخاصة خارج الصين، تسبب في موجة من عمليات البيع في أسواق الأسهم.

وأشار ليزلي إلى أن معنويات المستثمرين هبوطية للغاية في الوقت الحالي مع قيام الشركات بتعديل توقعات أرباحها وخفض الاقتصاديين توقعاتهم للنمو العالمي.

في السيناريو الحالي، يرى جون أن يؤدي الانخفاض الإضافي بنسبة 5% في الأصول ذات المخاطر العالمية إلى إثارة الأسواق بشكل أكبر.

ولفت إلى أن صناديق الاستثمار ستكون أكثر ميلًا نحو استثمارات الملاذ الآمن مثل السندات الحكومية والين والفرنك السويسري والذهب.

أرون ليزلي جون


وتابع: «ستنتظر الأموال فرصة الشراء الصحيحة حيث أن هذا الانتعاش سوف يعتمد على السرعة التي تعود بها الاستفادة من قدرة الصين إلى المستوى الطبيعي».

وأضاف أن أسواق المخاطرة ستعتمد على احتواء الحالات خارج الصين، خاصة في منطقة أوروبا ودول الشرق الأوسط وعلى الإجراءات من البنوك المركزية الكبرى.

وأشار إلى أن تلك الضغوط ستدفع صناديق الاستثمار إلى تحويل دفتها في دول مثل الصين وكوريا الجنوبية وإيران وإيطاليا وستنقل جزءًا كبيرًا من محفظتها في الأصول الآمنة وتجنب المزيد من الخسائر حتى تشهد احتواءً على انتشار الفيروس.

وفي نفس الوقت سيبحثون أيضًا عن فرص شراء القيمة، مع الأخذ في الاعتبار أنه حتى خلال الأوبئة السابقة مثل السارس قد انتعشت أسواق الأسهم في النهاية.

توجهات الصناديق

ومن جانبه، قال أحمد معطي المدير التنفيذي لشركة «فيرجن انترناشيونال ماركتس»، إن هناك آثار سلبية لفيروس كورونا على توجهات صناديق الاستثمار عالميا خاصة بعد تفشي الفيروس حول العالم ودخوله في عدة دول جديدة كما رفع منظمة الصحة العالمية تقييم الفيروس إلى مرتفع جدا على المستوى العالمي، وانعكاس ذلك على تذبذب أداء الأسواق العالمية وتسجيلها أكبر خسائر يومية منذ الأزمة العالمية في 2008 لاسيما بالأسواق المالية في الولايات المتحدة.

وأضاف معطي، أن انخفاض مؤشر مديري مشتريات المصانع في الصين إلى 35 نقطة وهو أسوأ انخفاض له منذ سنوات عدة مما أثر بالسلب أيضا على قرارات الصناديق الاستثمارية وتوجهاتهم وبالتأكد فذلك يؤدي إلى إعادة تقييم توجهات صناديق لاستثماراتها مرة أخرى.

وأشار إلى أن ذلك يؤدي إلى حدوث ارتباك في الأسواق العالمية بسبب الخوف والذعر وعدم معرفة أي الاستثمارات آمنة ملثما حدث يوم الجمعة الماضية انخفاض كل من النفط والذهب وكل المعادن النفيسة وأيضا أغلب الأسواق المالية بالعالم وذلك يدل على حدوث ارتباك لصناديق الاستثمار والتخارج الكبير لاستثماراتها والترقب لإعادة توجيه مرة أخرى.

أحمد معطي


وتوقع أن تتجه الصناديق نحو الأصول الآمنة في ظل الأزمة الحالية، وستنخفض للغاية شهية المخاطرة بالأدوات الاستثمارية ذات المخاطرة العالية، وسيرتفع الاستثمار السندات والعقارات بجانب الذهب.

ورجح معطي ارتفاع شهية المخاطرة مرة أخرى بعد انتهاء الأزمة الحالية، لا سيما وأن أغلب الأسهم الآن في جميع الأسواق العالمية عند مستويات منخفضة وجاذبة للشراء.

ونبه إلى تخارج صناديق الاستثمار من الدول الأكثر تأثراً بالفيروس ولكن بنحو محدود لأنهم سيقومون بإعادة استخدام استثماراتهم في الأصول الآمنة في نفس الدول وذلك لأن اغلب الدول التي تفشي بها المرض هي دول عظمى اقتصادية مثل الصين وكوريا الجنوبية وبعض الدول الأوروبية.

وفي تقرير لوكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني، قال إن ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا خارج الصين، يزيد من المخاطر على الاقتصادات العالمية والأسواق الائتمانية. كما أن انتشار الفيروس يعمق اهتزاز الثقة في الأسواق المالية. وأضافت الوكالة: «مع انتشار فيروس كورونا في أكثر من 70 دولة، فإن التداعيات على الأسواق الائتمانية أخذت بعداً عالمياً.. فتراجع ثقة المستثمرين يؤدي إلى ارتفاع تكاليف التمويل على المقترضين ذوي المديونية العالية».
ونوهت إلى أن ذلك قد يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة، التي تعاني من اختلالات كبيرة في الميزانيات الخارجية.

وفي نفس الوقت وتوقعت الوكالة تراجع نمو الاقتصاد العالمي بمقدار 0.5 نقطة مئوية خلال العام الحالي، مقابل توقعات سابقة 3.3%، فيما رجحت نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين إلى 4.8% في 2020، مقارنةً بنحو 5.7% قبل انتشار الفيروس، و6.1% في 2019.

وحول توقعات الوكالة لنمو منطقة اليورو خفضته الوكالة للنصف إلى 0.5%، حيث تتوقع الوكالة تراجع النمو في إيطاليا بأكثر من المتوسط. أما الاقتصاد الأمريكي، خفضت الوكالة تقديراتها بنسبة 0.3% عما كانت قبل انتشار الفيروس إلى 1.6% خلال 2020.

ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *