أحدثت أزمة كوفيد – 19 أكبر فجوة في الأداء بين صناديق التحوط، الأعلى والأدنى، منذ أكثر من عقد، مع مكاسب حادة حققها عدد من المديرين، ما ساعد على إنعاش الاهتمام بهذه الصناعة.
الاضطرابات التي انتشرت في الأسواق العالمية في أوائل 2020، التي تلاها انتعاش هائل، فتحت فرصا لم تشهدها الأسواق منذ الأزمة المالية 2008-2009. لكن الموجة نفسها من التقلب أوقعت أيضا مجموعة من أكبر الأسماء في القطاع في المتاعب.
سجلت أعلى 10 في المائة من صناديق التحوط متوسط عوائد بنسبة 49 في المائة على مدى 12 شهرا حتى نهاية تشرين الثاني (نوفمبر)، وهو أفضل أداء منذ 2009، وفقا لمجموعة البيانات HFR. لكن في الوقت نفسه اتسعت الفجوة بين الشريحتين العشريتين، العليا والسفلى، إلى 68.9 نقطة مئوية، مسجلة بذلك أكبر فارق منذ 11 عاما.
وفقا لأندرو بير، العضو المنتدب في شركة الاستثمار الأمريكية، دايناميك بيتا إنفيستمنت “كثير من صناديق التحوط نجحت في 2020″، مضيفا أن كثيرا منها “حقق أفضل عام له منذ الأزمة المالية الكبرى”.
أشار عدد من المشاركين في الصناعة إلى أن الأداء يذكرهم “بالعصر الذهبي” لصناعة صناديق التحوط قبل أن تتسبب الأزمة المالية في موجات من إجراءات التحفيز من البنوك المركزية، التي خففت من التقلبات. وقالوا إن الأداء القوي من قبل كبار الصناديق أشعل اهتمام المستثمرين المتجدد بعد أعوام من العوائد الضعيفة. وبحسب أحد المستثمرين “أصبحت صناديق التحوط قابلة للاستثمار مرة أخرى”.
تحدث مستثمر آخر عن “جدار من المال يحاول الدخول إلى صناديق التحوط” العام المقبل، لكنه أضاف أن بعضهم قد يواجه صعوبة في وضع أموال مع مديريهم المطلوبين إذا اختار هؤلاء المديرون إغلاق الصناديق أمام الاستثمارات الجديدة.
صندوق بيرشينج سكوير التابع إلى بيل أكمان، وصندوق كاكستون أسوشيتس التابع إلى أندرو لو، وصندوق سابا كابيتال التابع إلى بواز وينشتاين، هي من بين أكبر الفائزين من تقلبات السوق هذا العام. بالنسبة للمديرين الذين كانت مراكزهم في الاتجاه الصحيح، فإن الانخفاضات المتسارعة التي أعقبها انتعاش أكبر في بعض الأصول وفرت نوعا من فرص جني الأموال التي نادرا ما تتم مشاهدتها في عقد هادئ إلى حد كبير يهيمن عليه شراء السندات من قبل البنوك المركزية.
الرهانات المبنية على استراتيجيات تستشرف اتجاه السوق في الوقت الذي تخلص فيه المستثمرون من الأصول الخطرة لصالح الملاذات في شباط (فبراير) وآذار (مارس)، كانت من أكثر التداولات المربحة. حقق صندوق كاكستون مكاسب قياسية بلغت 40 في المائة، مدعوما برهانات على السندات الحكومية، وفقا لأحد المستثمرين، في حين كسب صندوق بريفان هوارد 24 في المائة.
صندوق ماندارين أوفشور، التابع إلى لان وانج سيموند حقق عائدا بنسبة 28 في المائة تقريبا، مدعوما برهانات على أسهم التكنولوجيا. صندوق سكاي جلوبال في نيويورك، التابع إلى جيمي شتيرن، محلل ثيرد بوينت السابق، كسب 63.8 في المائة، مدعوما بالتداول داخل أسهم التكنولوجيا المرتفعة وخارجها، وفقا للأرقام المرسلة إلى المستثمرين.
حقق صندوق أندوراند للسلع، التابع لبيير أندوراند، أرباحا بلغت 64.6 في المائة. صندوقه المسمى ديسكريشنري إنهانسد، الذي يمكنه تحمل مزيد من المخاطر، حقق مكسبا بنسبة 152 في المائة، بعد أن توقع أن تتحول أسعار النفط إلى سلبية، في حين ارتفع صندوق ديلبروك كابيتال ـ مقره فانكوفر ـ 109 في المائة، بمساعدة رهانات على عمليات اندماج واستحواذ في قطاع الذهب.
صندوق إلمينت كابيتال الذي يضم أصولا مقدارها 17 مليار دولار، التابع إلى الملياردير جيفري تالبينز، الذي وضع تنبؤا مستنيرا حول فعالية لقاح فايزر/بيونتيك، اكتسب 15 في المائة. صندوق كيت ليك، التابع إلى ماسي كادجينوري، حقق عوائد بنسبة 7.1 في المائة. صندوق ملينيوم مانيجمنت الذي يشتمل على أصول مقدارها 48.5 مليار دولار ويتبع إلى إيزي إنجلاندر حقق 23.3 في المائة، في حين حققت شركة فيرتشن فند ـ مقرها في كونيتيكت ـ 26.5 في المائة.
شراء الحماية ضد موجة البيع القوية كان أيضا مربحا للغاية. استفاد صندوق سابا من رهان جيد التوقيت ضد السندات الخطرة، فضلا عن تداول عمليات سوء التسعير في هياكل رأسمال الشركات، ليحصل على مكاسب بنسبة 70.8 في المائة، وفقا لأرقام مرسلة إلى المستثمرين. وحققت شركة بيرشينج سكوير هولدنجز 65 في المائة، مدعومة بأرباح بلغت 2.6 مليار دولار على التأمين ضد التعثر في التزامات السندات.
تمكن أيضا عدد من الصناديق الكمية، التي يعتمد تداولها على خوارزميات الكمبيوتر، من التفوق في الأداء في عام قاتم في الغالب بالنسبة لاستراتيجية الاستثمار الكمي. صندوق بلوتريند التابع لشركة سيستيماتيكا، اكتسب 7.6 في المائة هذا العام.
صندوق كيوب ريسيرش تكنولوجيز، وهو صندوق تحوط بقيمة ثلاثة مليارات دولار، انفصل عن كريدي سويس قبل نحو ثلاثة أعوام، تمتع بأقوى عام له على الإطلاق. وعلى الرغم من خسارة عدد من الصناديق لأموال تم تداولها في الأسواق خارج البورصة، حيث جفت السيولة في بعض الأحيان، فقد ارتفع صندوق ACAR التابع لشركة جريشام إنفيستمنت مانيجمنت 8.5 في المائة.
في جانب الخاسرين التقلبات التي حدثت هذا العام فاجأت أيضا بعض أكبر الأسماء في القطاع.
عانى الملياردير مايكل هينتز خسارة بلغت 1.4 مليار دولار، نتيجة رهانات سيئة على أدوات الائتمان المهيكل، في صندوقه الرائد دايركشنال أوبرتيونتيز. لكنه كسب نحو9 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر)، ما قلل الخسائر هذا العام إلى نحو36 في المائة، وفقا لتحديث إلى المستثمرين اطلعت عليه “فاينانشيال تايمز”.
كتب السير مايكل في رسالة حديثة إلى المستثمرين، إنه يمكن القول إن هذا العام هو “أكثر الأعوام اضطرابا في الأسواق المالية منذ جيل”.
مجموعة وينتون التابعة لديفيد هاردينج، التي اتخذت قرارا مثيرا للجدل قبل عدة أعوام بالابتعاد عن أسلوب التداول القائم على الكمبيوتر، الذي ساعد هاردينج على تطويره في الثمانينيات، عانت انخفاضا بنسبة 22 في المائة في صندوقها الرئيس.
وفي الولايات المتحدة، صندوق رينيسانس تكنولوجيز، التابع إلى جيم سيمونز، الذي يعد على نطاق واسع واحدا من أكبر شركات صناديق التحوط في العالم، خسر 33.3 في المائة في صندوق إنستتيوشينال داريفرسيفايد ألفا، و22 في المائة في صندوق إنستتيوشينال إيكوتيز. شركة بريدج ووتر التابعة إلى راي داليو تلقت ضربة قوية، حيث انخفض صندوقها الرائد “بيور ألفا” أكثر من 10 في المائة، على الرغم من أن صندوق أوول ويذر All Weather حقق مكاسب. شركة فوليون المتخصصة في التعلم الآلي تراجعت 8 في المائة في صندوقها المسمى إنفسترز، في حين بقي صندوقها المسمى إنستتيوشينال دون تغيير.