خلال الأسبوع الماضي اتخذ صندوق الاستثمارات العامة خطوة مهمة لدعم الإدارة التنفيذية بمجموعة من الكفاءات السعودية في المصرفية الدولية، فقد عين يزيد بن عبدالرحمن الحميد رئيسا جديدا للإدارة العامة للاستثمارات في الشركات المحلية، ونقل راشد بن إبراهيم شريف ليشغل منصب العضو المنتدب والرئيس التنفيذي للكيان المندمج للأهلي كابيتال وسامبا كابيتال، كذلك تم دعم الإدارة التنفيذية في الصندوق بتعيين رانيا محمود نشار مستشارة لمحافظ الصندوق، وعين فهد السيف رئيسا جديدا للإدارة العامة لتمويل الشركات، كذلك عين سعد الكرود على وظيفة كبير الإداريين. وهذا يعنى أن مجموعة من الخبراء السعوديين في شؤون الصيرفة والمال قد تم ضخهم في شرايين الصندوق للدخول في مرحلة جديدة من مراحل تطوير أداء صندوق الاستثمارات السعودي.
والحقيقة أن صندوق الاستثمارات السعودي يعد من أهم الأدوات التي اعتمدت عليها رؤية السعودية 2030 لتنطلق “الرؤية” في آفاق التنمية الشاملة والمستدامة، ويكون الصندوق بذلك خطوة ناجحة على طريق تنويع مصادر الدخل.
ونلاحظ أنه في عز أزمة الاقتصاد العالمي
ـ في مرحلة ما بعد كورونا ـ قفز اسم صندوق الاستثمارات السعودي وتقدم على كل الصناديق السيادية في العالم، ولعل أهم نجاحات الصندوق هو أنه ازداد قوة في هذه المرحلة الدقيقة التي تراجعت فيها كل الصناديق السيادية في العالم. ولعل من أهم الإنجازات التي قدمها الصندوق هو اعتماده استراتيجية وطنية تهدف إلى تنويع موارد الاقتصاد الوطني، بدءا من زيادة قيمة أصوله بشكل يجعله قادرا على إيجاد موارد جديدة، وصولا إلى توطين التقنية والمعرفة المتطورة، ثم الانطلاق ـ بعد ذلك ـ إلى تأسيس شراكات اقتصادية عملاقة تسهم في تعميق أثر ودور المملكة في المشهدين الإقليمي والعالمي.
ونلاحظ أنه منذ البداية كان الصندوق يراهن على وضع اسمه جنبا إلى جنب مع أهم الصناديق السيادية في العالم.
والجميل والرائع أنه في الوقت الذي يعصف فيه فيروس كورونا بأسعار الأصول العالمية، فإن الصندوق السعودي للاستثمارات العامة يقتنص مزيدا من الفرص الاستثمارية العملاقة.
ولقد تابعت الوكالات العالمية مجموعة الصفقات التي نفذها الصندوق السعودي، وأشارت وكالة “بلومبيرج” إلى أن الصندوق السعودي (اقتنص) بالفعل بعض الفرص الاستثمارية المهمة، وأظهرت بيانات الوكالة قيام الصندوق بتنفيذ عدد من الصفقات ودخوله في الشهور القليلة الماضية في صفقات بأسعار زهيدة، وستكون هذه الصفقات ـ في المراحل المقبلة ـ منطلقا نحو مشاريع استراتيجية تسهم في تحقيق تنويع مصادر الدخل بعيدا عن الاعتماد على النفط الذي أصبح مستهدفا من كل مراكز الأبحاث العالمية المعنية بنظافة البيئة وسلامة كوكب الأرض من التلوث وتوسيخ المناخ والأجواء.
وفي الوقت الذي كان فيه الاقتصاد العالمي يعاني كارثة كورونا اتخذ الصندوق السعودي مسارا نحو البحث في السوق العالمية عن كل الفرص الممكنة، لتحقيق مكاسب استراتيجية ونوعية.
وفي الشهور القليلة الماضية ـ كما ذكرنا ـ نزل الصندوق السعودي بثقله في الأسواق العالمية، واشترى مجموعة كبيرة من الأسهم لشركات ذات ثقل في أسواق المال والأعمال، وحقق بهذا الشراء مكانة متقدمة بين الصناديق السيادية العالمية.
ولذلك نستطيع القول، إن تحريك الأرقام الضخمة في مجالات الاستثمار كفيل بدعم ينابيع الخير في شرايين اقتصادنا الوطني، وفي هذا الصدد أشارت (صناديق) إلى أن قطاع التكنولوجيا جاء في صدارة القطاعات التي يمتلك فيها الصندوق السعودي حصصا بقيمة إجمالية تقدرها الوكالات بـ 3,279 مليار دولار، ثم جاء النفط والغاز في المرتبة الثانية كأكبر القطاعات المستثمر فيها الصندوق موزعة على شركات بي بي النفطية، ورويال داتش شل، وسنكور 32 للطاقة و”سي. إن. آر. إل” وشركة توتال، كما أن قطاع البنوك جاء في مقدمة قائمة استثمارات الصندوق السعودي وذلك بقيمة 1,01 مليار دولار، ثم جاء قطاع الإعلام والترفيه بقيمة 912 مليون دولار موزعة على والت ديزني بـ495,8 مليون دولار ولايف نيشن بـ416,2 مليون دولار، فيما جاء قطاع صناعة الطيران بقيمة 713,7 مليون دولار ممثلة في شركة بوينج العالمية.
وإذا تفقدنا الصفقات التي نفذها الصندوق السعودي نستشعر التوازن في تنفيذ الصفقات حتى يمتلك الصندوق أصولا ذات قيمة كبرى وذات أبعاد مالية واقتصادية بعيدة الأهداف، ولذلك نستطيع القول، إن أهم ما يميز الصفقات التي نفذها الصندوق السعودي في مرحلة ما بعد كورونا أنها تتكامل وتتمتع بموثوقية عالية، والأمل كبير في جني الكثير من الأرباح في المستقبل القريب والبعيد.
ونلاحظ أن الأمل ما زال يحدو المحافظ ياسر الرميان في اقتناص مزيد من الفرص الاستثمارية، حيث إنه بدأ يعد طاقمه لجولة جديدة من اقتناص الفرص التي تدفع بالصندوق ليكون واحدا من كبار الصناديق السيادية في العالم.
ولقد كان لتنوع مصادر الدخل أثر كبير في امتصاص جميع الآثار الاقتصادية السلبية لانخفاض أسعار النفط، وهي الأحداث التي لو مرت على السعودية في وقت غير هذا لحدثت تراجعات كبيرة في عدد واسع من الشركات والقطاعات، وهذه الحقيقة أشار إليها الأمير محمد بن سلمان بكل شفافية ووضوح، ولذلك فإن صندوق الاستثمارات السعودي يعد من أهم المشاريع التي راهنت عليها رؤية السعودية 2030.
نقلا عن صحيفة الأقتصادية