خلص فريق من الأكاديميين إلى أن التحول في تدفقات المستثمرين الأمريكيين بعيدا عن الصناديق المشتركة نحو الصناديق المتداولة في البورصة ETF مدفوع بشكل أساسي بثغرة ضريبية، وليس نتيجة أي ميزة متأصلة في هيكل الصناديق المتداولة.
في العقد الماضي سحب المستثمرون الأمريكيون تريليون دولار من الصناديق المشتركة الأمريكية المدارة بنشاط، مع تدفق مبلغ مماثل إلى الصناديق المتداولة.
على الرغم من أن قطاع الصناديق المشتركة لا يزال أكبر بكثير، كما يقول “معهد شركة الاستثمار” ـ اتحاد عالمي للصناديق الخاضة للتنظيم ـ إلا أن أغلبية نطاقات الصناديق المشتركة في الولايات المتحدة شهدت تدفقات خارجة صافية كل عام منذ 2014، في الوقت الذي شهدت فيه نحو ثلاثة أرباع الصناديق المتداولة تدفقات واردة.
التحول العجيب يدفع بعض مديري الأصول الكبار، مثل فيديليتي وتي راو برايس، إما إلى تحويل بعض صناديقهم المشتركة الحالية إلى الصناديق المتداولة وإما إطلاق أشكال للصناديق المتداولة مستنسخة من صناديقهم الحالية.
مع ذلك، تشير أبحاث أجراها ربيع موسوي وكي شين ورايسا فيلتويس من جامعة فيلانوفا، وكلية وارتون في جامعة بنسلفانيا، وجامعة ليهاي، على التوالي، إلى أن الهجرة إلى الصناديق المتداولة مدفوعة أساسا باعتبارات ضريبية، وليس بسبب عوامل أخرى مثل أن الصناديق المتداولة تكون عادة ذات تكلفة أقل وسيولة أكبر.
كتبوا: “الميزة الضريبية للصناديق المتداولة هي الحافز الرئيس وراء التدفق الهائل من الصناديق المشتركة النشطة إلى الصناديق المتداولة على مدى العقدين الماضيين”.
قال موسوي: “كان هذا نوعا ما مفاجأة بالنسبة لنا. يتحدث الجميع عن مدى أهمية الرسوم وضعف الأداء في دفع هذه التدفقات الخارجة (من الصناديق المشتركة)”.
تنبع الكفاءة الضريبية الأكبر للصناديق المتداولة، على الأقل في الولايات المتحدة، من خاصية غريبة في نظام ضريبة أرباح رأس المال.
عندما يرغب مستثمرو الصناديق المشتركة في استرداد وحداتهم، يبيع الصندوق شريحة من ممتلكاته الأساسية في معاملة “نقدية”. إذا ارتفعت قيمة هذه المقتنيات منذ أن اشتراها الصندوق، يتم فرض التزام بضريبة أرباح رأس المال على الصندوق وجميع مستثمريه، حتى الذين لا يستردونها. يمكن أيضا تشغيل هذا الالتزام عندما يقوم مدير الصندوق بإجراء تغييرات على المحفظة الأساسية.
في المقابل، حين تجد الصناديق المتداولة نفسها أمام طلبات الاسترداد، فهي لا تحتاج عادة إلى بيع الأوراق المالية الأساسية الخاصة بها. بدلا من ذلك، يمكنها تقديم سلال من الأوراق المالية “بصورة عينية” للمشاركين المعتمدين، أي البنوك الكبيرة التي تنشئ وتسترد الأسهم في الصناديق المتداولة.
نتيجة لذلك، يحدث نشاط التداول وأي مكاسب رأسمالية ناتجة عن ذلك خارج الصندوق، لذلك لا توجد أي تمريرات للمستثمر النهائي.
هذا يمكن أن يكون له أثر مهم. في العام الماضي، قامت بعض الصناديق المشتركة التي تديرها شركات أمثال كولومبيا ثريدنيدل، وإنفيسكو، وجيه بي مورجان، وتي راو برايس بتوزيعات ضريبية على أرباح رأس المال تعادل نسبا بأرقام من خانتين من صافي أصولها، تصل إلى 30 في المائة، وفقا لشركة مورنينج ستار.
قدرت أبحاث سابقة أن مجموعة من 400 من الصناديق المتداولة تستثمر في الأسهم الأمريكية أجلت ضرائب على أكثر من 211 مليار دولار من المكاسب في 2018 وحده.
وجد موسوي وآخرون أنه من خلال تجنب توزيع المكاسب الرأسمالية المحققة، كان متوسط عبء ضرائب الصناديق المتداولة أقل 0.92 نقطة مئوية عن صندوق الاستثمار المشترك المعتاد على مدى الأعوام الخمسة الماضية.
نظر بحثهم في الصناديق المشتركة الفردية ذات الأعباء الضريبية المرتفعة نسبيا ووجدوا أنهم شاهدوا المزيد من التدفقات الخارجة من المستثمرين ذوي الحساسية الضريبية، في الوقت نفسه الذي تتمتع فيه الصناديق المتداولة ذات الأنماط الاستثمارية المماثلة بتدفقات داخلة قوية.
علاوة على ذلك، وجد البحث أن قبول الصناديق المتداولة هو أكثر وضوحا بين مستشاري الاستثمار المسجلين مع العملاء الأغنياء، الذين من المرجح أن يكونوا مطالبين بدفع ضريبة عن أرباح رأس المال. في 2017، استحوذت الصناديق المتداولة على 21 في المائة من المحفظة الإجمالية لهؤلاء المستشارين، مقارنة بـ5 في المائة لمستشاري الاستثمار المسجلين مع عملاء ذوي موارد أقل.
وجد البحث أن هذا التباعد اتسع بشكل حاد بعد 2012، عندما رفع الرئيس باراك أوباما معدلات ضرائب أرباح رأس المال إلى 43.4 في المائة للمكاسب قصيرة الأجل و23.8 في المائة للمكاسب طويلة الأجل (خفضها الرئيس دونالد ترمب لاحقا).
قال موسوي: “التغيير الضريبي عمل على تسريع الإحلال. أراد الناس الخروج من الصناديق المشتركة”. أضاف: “إدارة الضرائب هي فائدة كبيرة لمستشاري الاستثمار المسجلين للمستثمرين الأغنياء”.
قال تود روزنبلوث، رئيس الصناديق المتداولة وبحوث الصناديق المشتركة في سي إف آر إيه للأبحاث، إنه “فوجئ” باكتشاف أن زيادة الكفاءة الضريبية كانت الدافع الأساسي للتدفقات إلى الصناديق المتداولة لأن “المستثمرين الذين يفعلون ذلك يدفعون أقل ويركزون على الأداء النسبي”.
على الرغم من أن الالتزام الضريبي، من الناحية النظرية، مؤجل فقط، ولم يتم تجنبه، إلا أنه يسمح للمستثمرين بتحويل مكاسب رأس المال قصيرة الأجل إلى مكاسب طويلة الأجل، ما يقلل من معدل الضريبة. حتى من دون هذه الميزة، وصف جاك بوجل، مؤسس الاستثمار في المؤشرات، التأجيل بأنه قرض حكومي من دون فوائد تتم إعادة استثماره في الصناديق المتداولة.
قال موسوي إنه علاوة على ذلك فإن بعض المستثمرين الأغنياء ينقلون محافظهم إلى ورثتهم “لذلك نرى بشكل متزايد أن هؤلاء المستثمرين لا يدفعون أي ضريبة مكاسب رأسمالية على استثماراتهم في الصناديق المتداولة”.
تأتي النتائج في وقت بدأت فيه الدعوات لإنهاء المعاملة الضريبية المتباينة لصناديق الاستثمار المشتركة والصناديق المتداولة تكتسب بعض الزخم السياسي.
ذكر البحث أن المعاملة الضريبية المواتية للصناديق المتداولة “تؤدي إلى عوامل خارجية على المستثمرين ودافعي الضرائب الآخرين. قد يرغب صانعو السياسات في مزيد من الدراسة لمن يتحمل تكاليف الكفاءة الضريبية للصناديق المتداولة، خاصة لأنها تقدم معاملة غير عادلة لمستثمرين مختلفين”.
قال موسوي في حين أن “إلغاء الإعفاء سيكون صعبا (…) من وجهة نظر السياسة، أعتقد أنه ينبغي التصدي له بشكل مباشر. هذا ليس عدلا وليس ساحة لعب متكافئة”. وفي حال لم يحدث تغيير “ستكون لدينا حسابات تقاعد (معفاة من الضرائب) ثم تذهب جميع الاستثمارات الخاضعة للضريبة إلى الصناديق المتداولة. من وجهة نظر السياسة الضريبية، هل هذا شيء يريدون حدوثه؟”.
بن جونسون، مدير أبحاث الصناديق المتداولة العالمية في مورنينج ستار، لاحظ أن كثيرا من الناس أثاروا هذه المشكلة التي هي “بالنسبة لبعضهم تبدو وكأنها معاملة ضريبية غير عادلة بين الصناديق المشتركة والصناديق المتداولة”، معتبرين أن هناك “ثغرة تحتاج إلى إغلاق”.
لكن جونسون أضاف أن “ما تجادل به مورنينج ستار منذ فترة طويلة هو أنه، إذا كان هناك أي تغيير، فينبغي تسوية ساحة اللعب من خلال فرض ضرائب على الصناديق المشتركة بالطريقة نفسها التي تخضع فيها الصناديق المتداولة للضرائب من الناحية العملية، وبالطريقة نفسها التي يتم بها فرض ضرائب على مستثمري الصناديق المشتركة في أنظمتنا الضريبية الأخرى”.