الثلاثاء 7 شوال 1445هـ 16-أبريل-2024م
ADVERTISEMENT

صناديق تقاعدية أكثر صلابة

أحمد الشهري

نجاح نظم التقاعد مرهون في الأساس بالمفهوم الاقتصادي بالدرجة الأولى، ثم الأداء الاستثماري المؤسسي، لأن تشغيل أموال صناديق التقاعد حتى تحقق عوائد مجدية يتطلب وجود استدامة اقتصادية بين طرفي المعادلة من القطاع العائلي كمشتركين في أنظمة التقاعد والأداء الاقتصادي العام الذي يولد الوظائف والأرباح سواء على المستوى المحلي أو الدولي. لذا شاهدنا كيف أن أزمة اقتصادية مثل كوفيد – 19 أثرت في أداء كثير من استثمارات العالم، لهذا عند الحديث عن أنظمة التقاعد علينا أن نتحرك وفق أسس اقتصادية مستدامة، ولا سيما أن حركة أموال صناديق التقاعد تتجنب تحمل أي مخاطر استثمارية مرتفعة، وهذا ما يفسر بحثها الدائم عن ملاذات آمنة، وبالتالي فإن حركة العوائد من الأرباح الرأسمالية أو عوائد الأسهم والسندات تظل محدودة لخدمة صناديق التقاعد، ولا سيما أن أسعار الفائدة وحركتي دخول وخروج الأموال من الأسواق الصاعدة من المؤثرات الجوهرية على أداء صناديق التقاعد في معظم الدول، ولا سيما أن صناديق التقاعد تلاحق أسواق المال في أسواق الدول الناشئة.

نظريا لا يكفي صناديق التقاعد تعبئة مواردها المالية بالاعتماد على الاشتراكات أو زيادة معدلات الاستقطاع أو التشديد في سياسات التعويض التي قد تحدث فجوة في دخل المتقاعدين، ولا سيما أن التضخم لا يزال مصدر قلق لدى مسؤولي صناديق التقاعد وصناع السياسات الاقتصادية، ولهذا نرى صناع السياسات الاقتصادية يستهدفون التضخم بسياسات تحد من آثاره أو برامج تستهدف التحكم في مستوياته، وفي الوقت نفسه مسؤولو صناديق الاستثمار يستهدفون تحقيق مستويات أداء استثماري أعلى وعوائد أفضل.

وما بين حالات التجاذب الاقتصادية والاستثمارية يتعين أن نصمم محافظ لصناديق التقاعد وفق أسس اقتصادية مستدامة وصلبة لا تتأثر بأسعار الفائدة ولا بالدورات الاقتصادية ولا بالتضخم، وذلك من خلال مزيج من محافظ تعمل في أسواق النقد والمال وأخرى تعمل بشكل مباشر في الاقتصاد الحقيقي من خلال نماذج اعمال استثمارية مباشرة، أي جعل صناديق التقاعد تمارس الاستثمار من خلال أسواق النقد التي تتأثر بأسعار الفائدة وحركة الأموال الاستثمارية غير المباشرة، وكذلك الاستثمار في مشاريع أعمال مباشرة، أي تولد تدفقات نقدية مباشرة من الأسواق المحلية والدولية عبر وكلاء وشركات تحت إدارة صناديق التقاعد، وعلى سبيل المثال، محليا، يمكن مراقبة حركة إنفاق المستهلكين محليا والاستثمار في مناطق إنفاقهم وسنحقق بذلك الاستدامة، وبهذا نعمق أسواقنا المحلية ونحقق عوائد مرتبطة بالإنفاق الاستهلاكي.

في الختام: إن تصميم محافظ استثمارية صلبة تجمع بين الاقتصاد المالي، مثل الأسهم والصكوك والسندات، والاقتصاد الحقيقي كالاستثمار المباشر وإدارة مشاريع مباشرة سيكونان من الناحية النظرية منهجية متماسكة تنسجم مع تعاكس دورتي نظامي الاقتصاد النقدي والحقيقي، أي: إننا قمنا ببناء نظامين متعاكسين لضمان تجنب المخاطر الهيكلية والدورية في النظام الاقتصادي، ورغم ذلك لا يمكننا تجاهل مخاطر ضعف الأداء المؤسسي التشغيلي وضبط الأداء.

نقلا عن صحيفة الأقتصادية

ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *