الجمعة 10 شوال 1445هـ 19-أبريل-2024م
ADVERTISEMENT

الصناديق السيادية ما بين الأزمات وصناعة الثروات

أحمد الشهري

من حسن حظنا أن صندوق الاستثمارات العامة بعد هيكلته أصبح أساس مضاعفة ثروات البلاد وعتبة أمان في الأزمات، إضافة إلى أنه يعمل اليوم كوسيط تحول اقتصادي كفؤ، فقد أسس 35 شركة استراتيجية، ومن الناحية العملية تخطى هشاشة القطاع الخاص، أما على مستوى الاستثمارات الخارجية، فعلى سبيل المثال نجح في تحويل 2.9 مليار دولار إلى 22 مليار دولار بعد طرح أسهم سيارة “لوسيد”، ويملك 62 في المائة من أسهمها.

قيمة أصول الصناديق السيادية 8.7 تريليون دولار في تموز (يوليو) 2021، أي 10 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي. كان نشوء أول صندوق سيادي 1953 لدولة الكويت، وتلاه عدد من صناديق سيادية في سنغافورة والإمارات والنرويج، حتى وصلت في نهاية الشهر الماضي إلى 100 صندوق، أما صندوق استثماراتنا السيادي، فتأسس عام 1971.

ظهور الصناديق السيادية الخليجية يعزى لفوائض النفط المالية، في حين أن فوائض ميزان المدفوعات من السلع في دول أمريكا الجنوبية والصين كانت أساس أموال صناديقهم السيادية، وهذا الأمر يكشف جليا أن نموذج الصين الاقتصادي يعتمد على شركات مملوكة للدولة، ولا سيما أن الصناديق السيادية هي ملك للحكومات وتمول من فوائض ميزانياتها.

الصناديق السيادية تستثمر فوائضها في الأسواق، وتعدها وسيلة لتجميع الثروات وتراكم الأرباح ومنهجية ادخار واستثمار مزدوج وحفظ الثروات للأجيال، ومن الغايات أيضا أنها تستخدم للإنفاق الداخلي بهدف معاكسة الدورات الاقتصادية الهابطة ومعالجة حالات العجز الناشئ من أي ظروف طارئة. فمثلا، النرويج سحبت 37 مليار دولار عام 2020 من صندوقها لمواجهة أزمة كوفيد – 19 وتخفيف آثار تراجع النفط على البلاد، الذي يشكل 50 في المائة من الصادرات النرويجية. وفي السياق نفسه، البرازيل استخدمت أموال صندوقها السيادي لسداد ديونها عام 2019، على الرغم من أن أهداف صندوق البرازيل كانت لدعم الشركات المصدرة والإنفاق على البلاد أثناء فترات التباطؤ الاقتصادي، والأمثلة كثيرة على منافع الصناديق السيادية في الأزمات.

أما إذا نظرنا إلى المستقبل، فأعتقد أن هناك تحولات قادمة تزيد من احتمالية تدخل الدول مباشرة في الاقتصاد لتعويض نقص الاستثمارات الأجنبية والمحلية عبر الصناديق السيادية في الدول النامية، ومن المرجح أن يؤدي ضعف التعاون بين الدول إلى معضلات في سلسلة الإمداد العالمية، سواء بسبب الجائحة الحالية أو شح تبادل الموارد أو لمبررات جيوسياسية، وبالتالي حدوث اختلال في فائض الصادرات العالمي، مع احتمالية حدوث اختلال نقدي يؤدي إلى وجود تضخم عالمي عابر للحدود تصعب السيطرة عليه بسبب حزم التحفيز الكبيرة في أمريكا، وستكون ظاهرتا الاختلال السلعي والنقدي في الوقت نفسه أمرا جديدا على العالم. وفي الختام، أرى أن الدول التي لديها صناديق سيادية ستكون أكثر صلابة وقدرة على مساعدة نفسها والعالم.

نقلا عن صحيفة الاقتصادية

ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *