كشف مسحٌ أجراه “بنك أوف أمريكا” أنَّ السوق تواجه ظاهرة غريبة وفريدة من نوعها؛ إذ إنَّ شركات إدارة الصناديق تنزعج من أرقام النمو العالمي والأرباح وسط كثرة المخاطر، لكنَّها ترفض أن تتخلى عن الاستثمار في الأسهم.
وفي مذكرة نشرت أمس الثلاثاء، قال محللو “بنك أوف أمريكا” بقيادة مايكل هارتنت: “كشف مسحٌ نادر على شركات إدارة الصناديق عن تزايد الفصل بين أسعار الأصول ومؤشراتها الأساسية. فتوقُّعات النمو تشير إلى ضرورة تخفيض الاستثمارات الموجهة إلى الأسهم، لكنَّ الإقبال على المخاطرة يشير إلى أنَّ المستثمرين يتجاهلون المؤشرات الكلية”.
إقبال أقل على السندات
توضِّح الدراسة التي أجريت خلال الفترة بين 3 و9 سبتمبر أنَّ توقُّعات نمو الاقتصاد العالمي والأرباح تدهورت في الشهر الجاري إلى أدنى مستوى منذ أكثر من عام.
ومع ذلك؛ لم تنخفض الأموال التي يخصصها المستثمرون في شراء الأسهم إلا بنسبة ضئيلة لتصل إلى 50%، إذ يعطون وزناً أعلى للاستثمار في الأسهم في محافظهم. كما ارتفعت نسبة من يقبلون على مخاطر غير عادية إلى 9% ممن شاركوا في الدراسة.
وقال “بنك أوف أمريكا”، إنَّ السندات مازلت تفتقد الإقبال، وإنَّ 69% من المشاركين في الدراسة يعطونها وزناً أقل في محافظهم الاستثمارية.
انحسار التفاؤل
يقول خبراء “بنك أوف أمريكا”، إنَّ السبب وراء هذا الموقف الخاص بالصناديق، يرجع إلى أنَّ انخفاض التفاؤل بأداء الاقتصاد الكلي يُعتبر نبأ جيداً بالنسبة لأسواق الأسهم، لأنَّه يشير إلى استمرار انخفاض أسعار الفائدة لفترة أطول، ليؤدي إلى موقف “TINA” (بمعنى لايوجد بديل) عن الأسهم وسط فقدان شهية المستثمرين إلى السندات.
وفي حين يتوقَّع 84% ممن أجابوا على أسئلة المسح أنْ يبدأ الاحتياطي الفيدرالي بالولايات المتحدة تخفيف سياسة التحفيز النقدي بحلول نهاية العام؛ فإنَّ توقُّعات توقيت أول زيادة في أسعار الفائدة تؤخرها إلى فبراير 2023 بدلاً من نوفمبر 2022.
ضغوط على المستثمرين
وبرغم أنَّ العديد من شركات إدارة الصناديق الكبرى مازالت تستثمر في الأسهم؛ يشهد الإقبال على المخاطرة هدوءاً في سبتمبر، مع تأهب مؤشر “إس آند بي 500” لأول شهر من الهبوط منذ ثمانية أشهر.
وشكَّلت مخاوف بشأن سحب سياسات التحفيز، والضربات المفاجئة لفيروس كوفيد-19، والإجراءات المتشدِّدة في الصين ضغوطاً على الحالة المعنوية للمستثمرين.
ومع ذلك؛ و وفقاً للدراسة المسحية التي أجراها “بنك أوف أمريكا”؛ فقد انخفضت نسبة المستثمرين الذين يتحوَّطون ضد الهبوط المفاجئ في أسواق الأسهم خلال الأشهر الثلاثة المقبلة إلى أدنى مستوى منذ يناير 2018.
كما أنَّ نسبة 67% ممن أجابوا على أسئلة المسح يرون أنَّ وضع السيولة الحالية في الأسواق إيجابي، في أفضل تقييم تشهده منذ ما قبل الأزمة المالية لعام 2008 مباشرة.
وتشمل النقاط البارزة الأخرى في الدراسة المسحية:
· شاركت في الدراسة المسحية للبنك 232 شركة بإجمالي أصول مدارة تبلغ 807 مليارات دولار على مستوى العالم.
· الاستثمار طويل الأجل في أسهم التكنولوجيا بالولايات المتحدة، هو الأكثر بنسبة 40% يتبعه الاستثمار طويل الأجل في أسهم شركات الالتزام بمعايير “البيئة، والمجتمع، والحوكمة” بنسبة 20%، ثم استثمار قصير الأجل في الأسهم الصينية بنسبة 11%.
· مقارنة مع شهر أغسطس؛ تحوَّل المستثمرون في شهر سبتمبر باتجاه الأسهم اليابانية، وأسهم السلع الأساسية والصناعية، والمواد الخام، والرعاية الصحية، وخرجوا من أسهم السلع غير الأساسية، وأسهم الأسواق الناشئة.
· غالبية المستثمرين بنسبة 69% يرون أنَّ مستوى التضخم الحالي مؤقت، في حين يرى 28% أنَّه مستمر، وكشفت الدراسة المسحية زيادة المخاوف من الركود التضخمي.
· التضخم هو أكبر “المخاطر الطرفية” بالنسبة للأسواق، تتبعه مخاوف تخفيف سياسة التحفيز النقدي، ثم سلالة “دلتا”.
· مخصصات الاستثمار في أسهم الولايات المتحدة فقدت نقطة واحدة مئوية لتصل إلى 10% من المستثمرين الذين يعطونها وزناً أكبر في محافظهم مقارنة مع شهر أغسطس، أما الاستثمار في أسهم منطقة اليورو؛ فقد ارتفع بمقدار نقطتين مئويتين إلى 38% من المستثمرين، الذين يعطونها وزناً أكبر في محافظهم. وانخفض تخصيص استثمارات أسهم الأسواق الناشئة بمقدار 5 نقاط مئوية إلى 2%، إذ يعطونها وزناً أقل في محافظهم.
· وانخفضت الاستثمارات في أسهم المملكة المتحدة بمقدار نقطتين مئويتين إلى 4%، إذ يعطونها وزناً أقل في محافظهم، في حين ارتفع الاستثمار في الأسهم اليابانية بمقدار 11 نقطة مئوية إلى 1% من المستثمرين الذين يعطونها وزناً أقل في محافظهم.