الجمعة 19 رمضان 1445هـ 29-مارس-2024م
ADVERTISEMENT

«الرأسمالية الرياضية» تجتاح أندية أوروبا.. وصناديق التحوط تحتشد لاقتناص الصفقات

صناديق - وكالات

مثلما كانت المباراة التي أقيمت، الثلاثاء الماضي، بين نادي “إيه سي ميلان” و”أتلتيكو دي مدريد” في بطولة دوري الأبطال، شديدة التنافسية بين الفريق الإيطالي الأكثر نجاحاً في مسابقة دوري الأبطال، والفريق الفائز بلقب الدوري الإسباني العام الماضي، فإن مبارة تنافسية أخرى مماثلة تدور في القطاع المالي بين صندوق تحوط مقره نيويورك، وصندوق ائتمان مقره لوس أنجلوس.

سيطرت شركة “إليوت مانيجمنت” (Elliott Management Corp) على نادي “إيه سي ميلان” في عام 2018 بعد تخلف المالك الصيني، لي يونغ هونغ، عن سداد التزامات الديون. في المقابل، استحوذت الصناديق، التي تديرها “أريس مانيجمنت كوربوريشين” (Ares Management Corporation)، على حصة نسبتها 34% في نادي “أتلتيكو”، بطل الدوري الإسباني في شهر يونيو.

تُعَدّ الشركتان من الشركات الاستثمارية البديلة الثرية للغاية، التي اكتسبت موطئ قدم تدريجياً في الرياضة الأكثر شعبية في العالم. وتُمثّل الشركات المتخصصة في الأسهم الخاصة، والائتمان، وصناديق التحوط، الموجة الأخيرة من المستثمرين في الرياضة، بعد فورة الشراء بين المليارديرات من مشجعي كرة القدم، وأصحاب البترودولارات من الشرق الأوسط، والمشترين الصينيين على مدى العقدين الماضيين.

ويعد أحدث مثال على ذلك هو إعلان شركة “777 بارتنرز” (Partners)، التي يقع مقرها بميامي، في 23 سبتمبر الجاري، عن شرائها نادي جنوة الإيطالي.

قرض البعض الأموال للحفاظ على بقاء الأندية الأكثر شهرة في أوروبا، فيما اشترى آخرون الحقوق الإعلامية، والفرق الصغيرة المستقرة، أو اقتنصوا حصصاً في الأندية كأصول عالية المخاطر. أمّا المغامرة الاستثمارية الأكبر فكانت عبر الدوري الكامل، مثل صفقة “سي في سي كابيتال بارتنرز” (CVC Capital Partners) مع الدوري الإسباني للدرجة الأولى، التي أُعلن عنها الشهر الماضي.

لطالما كانت كرة القدم الأوروبية في حاجة ماسة إلى المال، إلا أن الأمر أصبح أكثر إلحاحاً بعد أن أبقى الوباء الحشود بعيداً عن الملاعب، تاركاً بعض أكبر وأنجح الأندية في القارة تحت وطأة الديون الضخمة، وكان ذلك حافزاً وراء إقامة الدوري الأوروبي الممتاز الفاشل في شهر أبريل، الذي خطط بنك “جيه بي مورغان” لدعمه.

يكمن الخطر المتسلسل في أن كرة القدم تقوم على نموذج أعمال مكروه ومزعج إلى حد ما، إذ فشل عديد من المستثمرين في هذه الصناعة المليئة بالديون ورواتب اللاعبين المتضخمة، والواقعة تحت رحمة السياسة والمشجعين المحمومين.

ولا توجد ضمانات في العوائد المرتبطة بتلك الصناعة، نتيجة للتهديد بتخفيض تصنيف الفريق بالدوري في حال فشله في تقديم أداء جيد بما يكفي. ويثير ذلك علامة استفهام كبيرة لدى المستثمرين الأمريكيين حول ما إذا كانت كرة القدم الأوروبية ستكون قادرة على الوصول إلى تقييمات التصنيفات الرياضية الأمريكية.

يقول نيكولاس بلانك، مؤسس شركة “سبورت فاليو” (Sport Value) للاستشارات والخدمات المالية في صناعة الرياضة: “إن الاستثمار في الأندية الفردية يعتبر مجرد فرصة. إنه متقلب للغاية، فيمكن أن تهبط مكانتك، ولا يمكنك معرفة مدى جودة أداء اللاعب المعين الذي اشتريته، ويصعب للغاية تقييم قيمة الأصول”.

وإليكم في السطور التالية كيف تعاملت تلك الشركات مع الاستثمار في الأندية:

شراء نادٍ صغير

اتفقت “أوركيلا كابيتال” (Orkila Capital) في شهر يوليو مع البطل البلجيكي “كلوب بروغ” على استثمار مبلغ إجمالي قدره 50 مليون يورو (58 مليون دولار)، بعد فشل مالكي الفريق في بيع الأسهم ببورصة بروكسل. وقيّمت الصفقة “بروغ” بـ21 مليون يورو، وأسفرت عن تملّك الشركة، التي يقع مقرها بنيويورك، لحصة نسبتها 23%، وفقاً لبارت فيرهايغ، رئيس الفريق.

اعتبر جيسي دو باي، مؤسس “أوركيلا” والشريك الإداري، “بروغ” فريقاً جذّاباً لأنه كان يلعب بانتظام في دوري الأبطال، ويضم مجموعة من لاعبين يبيعهم إلى أندية أوروبية أكبر.

قال دو باي: “تأخر إضفاء الطابع التجاري على كرة القدم الأوروبية سنوات عديدة عن الولايات المتحدة، وسيشارك مزيد من شركات التمويل فيها خلال الشهور المقبلة. لكن عليك أن تختار الدوري والفريق بعناية فائقة، ويتعلق الاستثمار في كرة القدم الأوروبية ببناء القيمة على مدى سنوات عديدة”.

في الواقع، كانت في فرنسا قصة تحذيرية فعلياً، فقد بِيع نادي الدرجة الأولى “إف سي غيروندان دي بوردو” إلى صندوق التحوّط الأمريكي “جنرال أمريكان كابيتال بارتنرز” (General American Capital Partners) في عام 2018، الذي باعه إلى صندوق التحوط الآخر “كينغ ستريت كابيتال مانجمنت” (King Street Capital Management) بعد ذلك بعام، إلا أن النادي تعرّض للإفلاس ووُضع تحت الإدارة الخاصة في شهر أبريل، بعدما رفض “كينغ سترتيت” ضخ مزيد من الأموال فيه، لكن المموّل جيرارد لوبيز تمكّن من التوصّل إلى اتفاق لإنقاذه في شهر يونيو.

أزمة النادي الكبير

بجانب نادي “إيه سي ميلان”، تعرّض منافسه “إف سي إنترناسيونالي ميلانو” لضائقة مالية شديدة خارج الملعب، حتى بعد فوزه بأول بطولة إيطالية له منذ عقد. ووافق مالكو “إنتر” على صفقة قيمتها 275 مليون يورو مع أكبر شركة عالمية متخصصة في الديون المتعثرة، وهي “أوكتري كابيتال”، التي سوف تشترك مبدئياً مع المالك الحالي “سانينغ هولدينغز غروب” في إصلاح الأمور المالية للنادي. وفي حال عدم تمكّن “سانينغ” من سداد ديونها بعد ثلاث سنوات، فقد يتحوّل القرض إلى أسهم، وسيُسمح للصندوق الأمريكي بالسيطرة على”إنتر ميلان”، حسب قول أشخاص مطلعين لـ”بلومبرغ” في ذلك الوقت.

شراء فرق متعددة

مع ذلك، يظل تجميع الفرق الرياضية أفضل رهان لجني الأموال في كرة القدم، وفقاً لبلانك بشركة “سبورتس فاليو”، الذي قال: “إن كنت تريد الحصول على فرصة في الأداء، فمن الأفضل أن تستثمر في حافظة أسهم تتضمن مجموعة من النوادي من مختلف الأحجام والبلدان”.

ويعدّ ذلك هو النهج الذي يسير عليه “سيتي فوتبول غروب” (City Football Group)، مالك بطل الدوري الإنجليزي الممتاز “مانشستر سيتي”، و”يوكوهاما مارينوس” الياباني، و”غيرونا إف سي” الإسباني من الدرجة الثانية، وفريق “نيويورك سيتي” لكرة القدم، وغيرهم.

في عام 2019 دفعت شركة الأسهم الخاصة الأمريكية “سيلفر ليك مانيجمنت” (Silver Lake Management) مبلغاً قدره 500 مليون دولار مقابل حصة نسبتها 10% في الشركة التي يملك معظمها الشيخ منصور بن زايد آل نهيان في أبوظبي.

كما تعدّ “باسيفيك ميديا”(Pacific Media Group) شركة أخرى من بين الشركات، وإن لم تكن شركة استثمارية بديلة، وتمتلك المجموعة الأمريكية عدداً من فرق كرة القدم الأوروبية الأصغر، بما في ذلك نادي “بارنسلي” الإنجليزي، و”نانسي” الفرنسي، و”كي في أوستندي” البلجيكي. يمتلك مشتري نادي جنوة “777 بارتنرز” في نفس الوقت حصة فعلياً في فريق “سيفيلا” الإسباني.

شراء حصة في الدوري

استغرقت شركة الأسهم الخاصة “سي في سي”، ومقرها بريطانيا، أكثر من عام ومحاولتين فاشلتين للحصول على جائزتها المرغوبة، ألا وهي أول صفقة مع إحدى بطولات كرة القدم الأوروبية الكبرى.

لا يعتمد شراء حصة في الدوري على الأداء الفردي للفريق في الملعب أو قدرة الدوري على إبرام صفقات الرعاية، ولا يتربط الأمر أيضاً بأجور اللاعبين التي تميل إلى امتصاص جزء كبير من إيرادات النادي.

قبل نحو عام، اتفقت “سي في سي” و”أدفينت إنترناشيونال” (Advent International) على الاستحواذ على بعض الوحدات الإعلامية الجديدة التي أنشأها الدوري الإيطالي بالدرجة الأولى. بلغت قيمة العرض 1.7 مليار يورو لشراء 10% من الشركة الجديدة التي ستدير حقوق البث التليفزيوني في الدوري، لكن المفاوضات كانت صعبة ولم يُتوصل إلى اتفاق حتى الآن.

كما انتهت المحادثات بين هيئة كرة القدم الألمانية المتميزة وشركات الأسهم الخاصة، بما في ذلك “سي في سي”، و”أدفينت”، و”بي سي بارتنرز” (BC Partners)، و”بين كابيتال” (Bain Capital)، و”كيه كيه آر” (KKR)، دون اتفاق بعد تصويت الفرق الأعضاء على وقف المفاوضات. وقالت إيلجا كاينزيغ، المدير الإداري لفريق “في إف إل بوخوم” في الدوري الألماني بالدرجة الأولى إن خطة الدوري الممتاز أخافت الأندية وجعلتها حذرة من التمويل الأمريكي، و”تعلقت المخاوف أساساً بتوفّر الثروة لعدد قليل فقط”.

تشتري شركة “سي في سي” حصة في الحقوق الإعلامية بالدوري الإسباني الدرجة الأولى، ولإنجاز الصفقة وافقت الشركة على عقد مدته 50 عاماً، وسمحت للأندية المتمردة بالانسحاب. رفضت ثلاثة أندية فقط الاقتراح، وتضمنت قائمة الرافضين الأندية الأكثر إثارة للجماهير العالمية في الدوري الإسباني بالدرجة الأولى، “ريال مدريد” و”برشلونة”. سيبلغ استثمار “سي في سي” نحو 2.1 مليار يورو، على أن تسعى للبيع في نحو 10 سنوات، حسب قولها.

قال سام بور، المستشار في “سبورتس بزنس”، التابعة لـ”ديلويت”: “قد تثبت هذه الصفقة أنها واحدة من تلك اللحظات الفاصلة التي تعيد تنشيط المحادثات بين بطولات الدوري الأوروبية لكرة القدم وكبرى شركات الأسهم الخاصة”.

ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *