الأربعاء 15 شوال 1445هـ 24-أبريل-2024م
ADVERTISEMENT

كيف أدار هذا السنغافوري أنجح صندوق تحوط في العالم؟

صناديق - وكالات

اعتاد “تشونغ شين آي” بدء يومه بممارسة العدو عبر المساحات الخضراء الشاسعة في سنغافورة، ومن ثم اصطحاب ابنه إلى المدرسة، قبل أن يعود مرة أخرى إلى منزله مسرعًا ليبدأ عمله في تداول العقود الآجلة على حاسوبه المحمول لحين موعد الغداء.

تبدو هذه صورة مثالية لموظف يعمل عن بعد لدى إحدى شركات إدارة الأصول، بيد أنها ليست كذلك، فـ”تشونغ” البالغ من العمر 46 عامًا استطاع عبر حاسوبه الشخصي ونموذج عمل مبني على جداول برنامج “إكسل” إدارة أنجح صندوق تحوط في العالم لهذا العام.

صندوق “فاندا جلوبال فاند” الذي أطلق عليه هذا الاسم تيمنًا بإحدى الزهور المحلية، وبدأ أعماله بأموال جمعها “تشونغ” من معارفه، سجل عائدات تتجاوز 300% منذ بداية عام 2019.

وتقول شركة “سويس-آسيا” لإدارة الأصول، التي يتداول الصندوق على منصتها: “يستهدف (فاندا) تحقيق عائدات قوية طويلة الأجل من خلال التخصيص النشط لرأس المال عبر فئات الأصول المختلفة، بما في ذلك الأسهم وأسعار الفائدة والسلع”.

المغامرة تؤتي ثمارها

– في سعيه لتحقيق أكبر استفادة من عملية تخصيص الأموال في محفظته التي تستند إلى الاتجاهات العالمية الكلية والظروف الاقتصادية، يتبع الصندوق نهجًا مرجحًا للمخاطر باستخدام إستراتيجية إدارة للعقود شديدة الانضباط، ومع ذلك، يصف “تشونغ” نهجه بأنه “ليس لضعاف القلوب”.

– تأسس الصندوق في عام 2016، بمبلغ 24 مليون دولار جمعها “تشونغ” من الأصدقاء والعائلة، وكانت البداية غير مبشرة بالخير على الإطلاق، ففي نفس العام ومع الفوز المفاجئ لـ”دونالد ترامب” في انتخابات الرئاسة الأمريكية تراجعت قيمته 50%.

– يقول “تشونغ”: الكثير من مديري الصناديق كانوا ليتخلوا عن العمل على مشروع كهذا بعد ستة أشهر للبحث عن بداية جديدة، لكنني أردت أن أظهر للمستثمرين قدرة الصندوق على جذب رؤوس الأموال وتحقيق النمو.

– يركز “تشونغ” على الاستثمار في العقود الآجلة المتداولة، ويشمل ذلك كافة فئات الأصول تقريبًا من السلع والسندات الحكومية والأسهم، ويحصل “فاندا” على رسوم اشتراك سنوية بين 2% و2.5% من المستثمرين، إضافة إلى 20% و25% نسبة عن الأداء.

– تُعتبر العقود الآجلة المتداولة أحد أشكال المشتقات المالية، وعمومًا تُعد العقود الآجلة استثمارًا أكثر مخاطرة من شراء حصة مباشرة من الأسهم أو سندات الشركات، لذا ففي حين كانت مصدر الكسب الرئيسي لـ”فاندا”، فإنها كانت أيضًا مصدر إزعاج كبير.

– رغم الأداء الاستثنائي لـ”فاندا” الذي تجاوزت أصوله 200 مليون دولار، لا يبدو أن الحظ يبتسم دائمًا، فمكاسب عام 2019 جاءت بعد خسائر بلغت 49% خلال عام 2018، والتي تلت بدورها مكاسب قدرها 260% في 2017.

تميز سنغافوري

– استطاعت سنغافورة مؤخرًا أن تُصبح موطنًا لبعض أفضل صناديق التحوط في العالم، وفي قائمة العشرة صناديق الأفضل أداءً خلال عام 2019، كانت الولايات المتحدة موطنا لأربعة صناديق، والجزيرة الآسيوية موطنا لاثنين.

– يأتي نجاح الصناديق السنغافورية وتميزها في وقت يشكك فيه المستثمرون في حكمة ضخ مبالغ كبيرة من الأموال في صناديق التحوط بسبب ارتفاع رسومها وتواضع عائداتها، وبلغ إجمالي التدفقات العالمية الخارجة 88 مليار دولار حتى الآن، أي أكثر من ضعفي الرقم المسجل في 2018.

 سجلت صناديق التحوط في سنغافورة معًا عائدًا متوسطه 9.4% للعملاء خلال عام 2019، وفقًا لشركة “يوركاهيدج”، متفوقة على نسبة 7.6% المسجلة في آسيا، و6% في أوروبا و7.6% في أمريكا الشمالية.

– ربما يرجع هذا الأداء الفريد لـ”فاندا” وأقرانه السنغافوريين إلى هوس الأثرياء الآسيويين بالمجازفة الاستثمارية، حيث يبدون استعدادًا على نحو متزايد لضخ الملايين في صناديق تُعرف استثماراتها بتقلبات حادة، خاصة أن سنغافورة واحدة من أغنى الدول ولديها قطاع عريق في إدارة الثروات.

– حجم صناعة صناديق التحوط في سنغافورة والبالغ 47.3 مليار دولار يبدو “لا شيء” مقارنة بـ1.6 تريليون دولار في أمريكا الشمالية و462.7 مليار دولار في أوروبا، لكن الصناديق صغيرة الحجم قد تعني راحة أكبر للمستثمرين فيما يتعلق بالمخاطرة.

التطلع إلى العالمية 

– النظرية الثانية التي تفسر التفوق المتزايد للصناديق السنغافورية هي أن عوامل مثل الضعف النسبي للسيولة في سوق الأسهم ونقص الموارد الطبيعية تضافرت مع النظام التعليمي عالي الكفاءة لإفراز خريجين أذكياء يعتمدون على البيانات ويفكرون على نطاق عالمي.

– نصف صناديق التحوط في سنغافورة لديها وصول عالمي، ويقول أستاذ الشؤون المالية في كلية الأعمال بجامعة سنغافورة “يوهان سليمان”: سوق الأسهم في سنغافورة ليس أداة للسيولة بالنسبة لصناديق التحوط، لذا فهم اضطروا للبحث على مستوى عالمي وكان ضروريًا أن يصبحوا لاعبين دوليين.

 “نورمان تانغ” الذي يأتي صندوقه “بروليف جلوبال” في المرتبة العاشرة لأفضل صناديق التحوط هذا العام، ضاعف عدد عملائه خلال 2019، ويرجع الفضل في ذلك إلى الرهانات الرابحة على عقود سندات الخزانة الأمريكية.

– يقول “تانغ”: مستقبل الاستثمار العالمي في سنغافورة يجتذب السماسرة من جميع أنحاء العالم، النظام الإيكولوجي لتداول العقود الآجلة تم تطويره بشكل جيد للغاية هنا، إذا كنت تريد وصولًا إلى الأسواق الأسترالية أو الأمريكية أو الكندية، يمكن للعديد من الوسطاء هنا المساعدة.

– إلى جانب كل ذلك، ربما كانت الصناديق السنغافورية محظوظة هذا العام بفضل الأداء الأفضل من المتوقع لبعض أجزاء الاقتصاد العالمي، فمؤشر “إس آند بي 500” على سبيل المثال ارتفع 26% منذ يناير، وهذا يعني أن الرهان الصعودي عليه كان ليؤتي ثمارًا عظيمة.

ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *