الجمعة 10 شوال 1445هـ 19-أبريل-2024م
ADVERTISEMENT

صندوق بـ100 مليار دولار تابع لـ«سوفت بنك» يشهد تسرباً للمواهب بسبب ضعف المكافآت

صناديق - وكالات

يسعى الملياردير الياباني ماسايوشي سون إلى تقديم حوافز لشركائه،، منذ أن أنشأ “صندوق رؤية” العملاق في عام 2017 لدعم الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، لكنه حتى الآن لم يكتشف كيف يجعلهم سعداء.

تستعدّ مجموعة “سوفت بنك غروب كورب” (SoftBank Group Corp) المملوكة لسون لأول توزيعات أرباح على موظفي “صندوق رؤية” في ديسمبر، وفقاً لمصادر مطلعة على الأمر. لكن نهج الشركة الغريب في تعويض الموظفين يعزز استقالة المواهب من العمل، إذ تقول المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها لأن الأمر يتعلق بالخصوصية، إن 7 شركاء إداريين قد غادروا الشركة منذ مارس من العام الماضي، فيما سيغادر ديب نيشار، الشريك الإداري رفيع المستوى، بحلول نهاية العام. ولم يردّ نيشار على طلب للتعليق.

تعود المشكلة في الأساس إلى أن سون نجح في إنشاء أكبر صندوق لرأس المال المخاطر في العالم ضمن تكتل ياباني، في الوقت الذي يتقاضى فيه موظفو الشركات في اليابان رواتب متواضعة قياساً إلى المستويات العالمية، فيما يتقاضى أصحاب الخبرات في الشركات الناشئة في الصناعة المالية أعلى الأجور في العالم. كما تخصص شركات رأس المال المخاطر في الغالب 20% من أرباحها للشركاء، ما يعادل نحو عشرات الملايين من الدولارات لكل منهم، لكن ذلك النوع من نظم التحفيز يُعتبر مثار جدل كبير في شركة مثل “سوفت بنك”.

تتضمن خطة سون توزيع أرباح على أساس الأقدمية في المقام الأول، ويحق لجميع المستثمرين من مستوى نائب الرئيس فما فوق الحصول على توزيعات، سواء كانت استثماراتهم في “سوفت بنك” أو “دورداش” (DoorDash) وشركة التجارة الإلكترونية الكورية “كوبانغ” (Coupang)، أو حتى التي شهدت إخفاقات مثل “وي وورك” (WeWork) و”غرينسل كابيتال” (Greensill Capital)، وفقاً للمصادر المطلعة. وتشير المصادر إلى أن نيشار، الرائد في مجال الذكاء الاصطناعي، وشريكته ليديا جيت، التي تعتبر “كوبانغ” من بين استثماراتها، قد يحصلان على أكبر التوزيعات.

يمكن أن يصل إجمالي التوزيعات إلى 100-150 مليون دولار، ستوزَّع على نحو 70 شخصاً، بالإضافة إلى الرواتب الأساسية والمكافآت. قد يبدو المبلغ كبيراً، لكنه أقل مما تقدمه شركات رأس المال المغامر التي يعتبر “صندوق رؤية” لاعباً قوياً بينها، بعدما نجح في جمع 100 مليار دولار للاستثمار في ما أطلق عليه سون “الاندفاع نحو الذهب” الذي يحدث مرة واحدة في العمر في الشركات التي ترتبط أعمالها بالإنترنت والبيانات الضخمة.

التوزيع الأول

يقول بن ناراسين، الشريك السابق في مشروع رأس المال المخاطر “نيو إنتربرايز” (New Enterprise): “بالنظر إلى كل ما صرّحوا به في ذلك الشأن والتوقعات بشأن ما كانوا يحاولون تحقيقه، يبدو الأمر متواضعاً إلى حد ما، حتى لو كان هذا هو التوزيع الأول فقط مع المزيد في المستقبل”. وأضاف ناراسين الذي غادر مؤخراً لتأسيس صندوقه الخاص: “المديرون يرون المبلغ قليلاً، وأصحاب الوظائف المتوسطة يرونه مناسباً، فيما يراه صغار الموظفين أمراً عظيماً”. ورفض متحدث باسم “صندوق رؤية” التعليق.

يحصل الموظفون في “صندوق رؤية” على رواتب أساسية مرتفعة، إذ يقدّم الصندوق نحو 500 ألف دولار دخلاً أساسياً للمستثمرين في الوظائف المتوسطة، تزيد إلى 700 ألف دولار للموظفين الأكثر خبرة، وفقاً لمصادر مطلعة على هيكل الرواتب، أشارت إلى أن الشركاء يتقاضون رواتب أساسية أعلى تصل إلى ملايين الدولارات.

نهج جديد

يراجع سون استراتيجية الرواتب والتعويضات الخاصة به مرة أخرى في “صندوق رؤية 2” الذي يدير أصولاً قيمتها 40 مليار دولار. لكن النهج الجديد أدى إلى استقالة بعض الموظفين، حسب المصادر المطلعة، إذ يقول أحدهم إنه “لا توجد نسبة محددة من الأرباح ستوزَّع على الجميع هذه المرة، ولا يُكافأ أحد إلا على الصفقات التي عملوا عليها”. وأشار إلى أن ذلك النهج سيحبط التعاون على نطاق أوسع، وسوف يمنح الشركاء حافزاً لتنفيذ أكبر عدد ممكن من الصفقات، لأنه لا توجد عقوبة في حالة الإخفاق مقابل الحصول على أجر أساسي فقط إذا سارت الأمور على ما يرام.

مما زاد الإحباط، قرار سون بحصوله على جزء من أرباح “صندوق رؤية 2″ بصفته مالكاً للأسهم، قبل توزيعها على الموظفين و”سوفت بنك”.

يخطط سون للاستحواذ على حصة تصل إلى 17.25% في “صندوق رؤية 2”. وقد أشار سون إلى أنه يخاطر بأمواله الخاصة التي تتولّد عن استثمارها أرباح يتشاركها الآخرون. وقال سون في أغسطس: “سوف أخاطر بمفردي في البداية، ثم أوزع الأرباح على أشخاص آخرين في الإدارة. وتلك هي ثقافة (سوفت بنك) التي ستستمر”.

من بين المغادرين للعمل مؤخراً جيف هاوسنبولد الذي تمثل “دورداش” إحدى شركات محفظته. ورفض التعليق على الأمر.

يقول ستيفن كابلان الشريك المؤسس لبرنامج ريادة الأعمال في “كلية بوث لإدارة الأعمال” بجامعة شيكاغو: “الحوافز تمثل أصعب ما يمكن أن تفعله الشركات، ومن الصعب حقاً توزيعها بشكل صحيح. ما يحدث عندما لا تدفع ما يكفي للناس هو أنك إذا كنت جيداً فإنك ستغادر، وإذا لم تكن كذلك فستبقى”

اللجوء إلى الصناديق الصغيرة

يقول ناراسين إن جمع الأموال وإدارة صندوق أصغر بمفردك أكثر ربحية من الشراكة في صندوق ضخم. وأضاف أن صندوقاً برأسمال 50 مليون دولار -المبلغ الذي جمعه لصندوق “تيناسيتي فينتشر كابيتال” (Tenacity Venture Capital)– قد يولّد نحو 150 مليون دولار يتقاسمها الشركاء، ليحصل كل منهم على عائد مضاعف 10 مرات لمشاركته مع عدد قليل.

ترك هاوسنبولد “صندوق رؤية” ليبدأ تأسيس شركته الخاصة “هونور فينتشرز” (Honor Ventures) لرأس المال المخاطر، وقد التزمت “سوفت بنك” استثمار 100 مليون دولار فيها، حسب مصدر مطلع على الأمر.

تتزامن خسارة “صندوق رؤية” لأفضل المواهب مع العمل على تسريع وتيرة الاستثمارات بشكل حاد، إذ عقد سون أكثر من 115 صفقة هذا العام، ما ضاعف عدد الشركات في محفظة “رؤية 2” خمس مرات في أقل من تسعة أشهر. وبزيادة على إجمالي الصفقات التي أبرمها “صندوق رؤية” الأول منذ تأسيسه، وفقاً لحسابات “بلومبرغ”، التي استندت إلى البيانات الصادرة عن الشركة. وقد جاء ذلك بالتزامن مع تكثيف المنافسين وتيرة استثماراتهم أيضاً.

يقول جيمس كيم، كبير المستشارين في شركة “كودا أدفيزورز” (Coda Advisors) التي تقدّم الاستشارات للإدارات التنفيدية المستقلة ومجالس الإدارة في سان فرانسيسكو: “أصبحت حوافز وتعويضات المواهب أعلى بكثير الآن مقارنة بوقت إطلاق صندوق رؤية، لا سيما هذا العام، إذ تتزايد الفرص، ليس فقط في صناديق رأس المال المخاطر ولكن في كل أنواع الصناديق”. ويلاحظ كيم أن الحجم الهائل لصناديق “رؤية” يجعل من غير الواقعي بالنسبة إلى المديرين توقع نسبة من الأرباح تعادل باقي الصناديق الأخرى، التي من المحتمل أن تكون أرقامها كبيرة جداً.

أرباح وحوافز

تصنف “سوفت بنك” من بين الشركات اليابانية الأكثر سخاءً في الحوافز التي تقدَّم إلى الإدارة التنفيذية. وقد حصل أكبر 8 مسؤولين على ما يزيد على 64 مليون دولار في السنة المالية الماضية، بعد إعلان الشركة تسجيلها أرباحاً قياسية. وتصدّر القائمة سيمون سيغراس، رئيس وحدة الرقائق الإلكترونية “آرم” (Arm) التابعة لـ”سوفت بنك”، براتب 17 مليون دولار، يليه راجيف ميسرا، الذي يرأس “صندوق رؤية”، بعدما حصل على 8.4 مليون دولار، وأغلبها أجر أساسي، فيما حصل سون الذي جاء في ذيل القائمة على مبلغ زهيد بلغ 900 ألف دولار فقط.

يحصل سون على أرباح من حصته في “صندوق رؤية 2” بالإضافة إلى صندوق آخر يركز على أمريكا اللاتينية، ما أثار عديداً من الانتقادات في الماضي، بسبب الخلط بين مصالحه الشخصية وشركته. يستحوذ سون المعروف باسم “ماسا” على حصة شخصية تبلغ 33% في وحدة تسمى “إس بي نورث ستار” (SB Northstar) التي تستثمر في الأسهم المتداولة والمشتقات.

يقول كيرك بودري، المحلل في “ريديكس للأبحاث” (Redex Research) ومقرها طوكيو: “أنا مدهوش من الاستمرار في الإحباط الذي يولّده لدى الموظفين والمستثمرين، والمبرر هو أن ماسا يضيف قيمة من خلال خبرته، ولكن هذه هي وظيفته بالفعل”.

وبسؤاله حول استقالة شركاء رفيعي المستوى، رفض سون فكرة وجود تهديد بسبب هجرة الأدمغة المحتملة، وقال إن الشركة يمكنها دائماً غزو الشركات المالية الكبرى للحصول على كوادر أكثر تميزاً، وفقاً لأحد المصادر المطلعة.

يقول ناراسين: “يُجري سون الاتفاقات النهائية، ولكن على أي حال لا يفوز (صندوق رؤية) بصفقات اعتماداً على تميز فريقه، ولكن الجزء الأكبر يرجع إلى ما يحققه من نجاحات، ومن ثم لا يهم من يقدّم العرض، سواء كان مصرفياً شاباً أو خبير رأسمال مخضرماً”.

ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *