“بلاك روك” و”جيه بي مورغان” يواجهان تراجع الربحية بصناديق الصين

صناديق - وكالات

واجه شركات إدارة الأصول العالمية، ومنها “بلاك روك” و “جيه بي مورغان تشيز”، ضغوطاً هائلة على الربحية في الصين، حتى وهي تعزز تواجدها في سوق صناديق الاستثمار سريعة النمو في البلاد.

تتراكم العراقيل أمامها، من زيادة رسوم التوزيع، إلى دخول منافسين جدد في حلبة السباق، وتصاعد الحرب على المواهب. وفوق ذلك تسبب تدهور سوق الأسهم المحلية في تكبد الصناديق الجديدة خسائر كبيرة، حتى وإن بدأت موجة الصعود الأخيرة في تخفيف وطأة تلك الخسائر. ​ ​

أصبحت هذه التحديات ظاهرة أكثر للعيان بعد شهور قليلة من تحول “بلاك روك” إلى أول شركة عالمية لإدارة الأصول تطلق شركة لصناديق الاستثمار داخل الصين مملوكة لها ملكية كاملة. وتستعد شركتا “فيديليتي إنترناشيونال” (Fidelity International) و “نيوبرغر بيرمان غروب” (Neuberger Berman Group) للحاق بها.

الواقع الجديد يزيد من تعقيد فرص تحقيق الأرباح في وقت تعميق هذه الشركات من التزامها بتلك السوق التي تبلغ قيمتها 32 تريليون يوان (4.8 تريليون دولار) رغم تصاعد المخاطر الجيوسياسية وتباطؤ النشاط الاقتصادي.

رسوم التوزيع

قال هاري هاندلي، باحث أول لدى شركة الاستشارات “زي-بن أدفايزرز” (Z-Ben Advisors)، ومقرها في شنغهاي: “إن احتمال زيادة المنافسة وتعاظم صعوبة جذب وتوظيف المواهب يضيف إلى التحديات التي تواجه الشركات الأجنبية عندما تعمل على تنفيذ إستراتيجياتها”.

في حين جمعت “بلاك روك” مليارات من اليوان من مستثمرين محليين في صندوقين للاستثمار منذ سبتمبر الماضي، فإنها لا تحصل على جميع رسوم الإدارة. وقد دفعت الوحدة الصينية التابعة للشركة الأميركية العملاقة أكثر من 48% من هذه الرسوم إلى الموزعين الذين يروجون الصناديق تحت بند يُسمّى “رسوم الحفاظ على العملاء” في العام الماضي، وهي أعلى نسبة بين شركات إدارة الصناديق المحلية، وفقاً لبيانات جمعتها شركة “ويند إنفورميشن” (Wind Information).

تكشف البيانات أيضا أن المشروعات المشتركة مع الشركات الأجنبية، مثل “جيه بي مورغان” و”مورغان ستانلي” و”كريديه سويس” و”برودينشال” (Prudential) دفعت نسبة أعلى من الرسوم إلى الموزعين في العام الماضي مقارنة بالنسبة التي دفعتها في العام الأسبق، رغم أن مشروعات “يو بي إس غروب” (UBS Group) و “إنفسكو” (Invesco) سددت نسبة أقل قليلاً. وتوضح البيانات أن المشروع المشترك مع “جيه بي مورغان”، الذي يسعى البنك الأميركي إلى السيطرة عليه سيطرة كاملة، دفع 26.7% من رسوم الإدارة للموزعين العام الماضي، مقارنة مع 23% دفعها في عام 2020.

القوة التفاوضية

تعكس هذه الزيادة في الرسوم تعاظم القوة التفاوضية للبنوك المحلية التي تمتلك شبكات فروع هائلة ومنصات بيع على الإنترنت. وفي حين وضعت الهيئات التنظيمية حداً أقصى لنصيب الموزعين بنسبة 50% من الرسوم مقابل مبيعات التجزئة في عام 2020، تدفع شركات إدارة الصناديق منذ ذلك الوقت عادة نسبة تقترب من هذا المستوى عند إطلاق صناديق جديدة، ما يجعل اللاعبين الجدد عرضة للمخاطر.

ارتفع نصيب الموزعين إجمالاً من رسوم الإدارة إلى 28% في العام الماضي مقابل 26% في عام 2020، وفقا لبيانات شركة “زي-بن أدفايزرز”.

يمكن تتبع تاريخ تلك الممارسة الشائعة بالمشاركة في رسوم إدارة الصناديق في الصين إلى فترة هبوط السوق في عام 2008 عندما اضطرت شركات إدارة الصناديق إلى التضحية بجزء من إيراداتها بهدف تشجيع البنوك على ترويج منتجاتها، وفقاً لشركة “زين هو ويلث إنفستمنت مانجمنت” لإدارة الأصول (Xin Hu Wealth Investment Management)، التي تعمل أيضاً في توزيع وترويج صناديق الاستثمار.

مع ذلك، يقول لو هايانغ، نائب رئيس “زين هو ويلث مانجمنت”، إن دفع رسوم مرتفعة له فوائده بالنسبة إلى الشركات الجديدة الوافدة على السوق مثل شركة “بلاك روك”، التي تحتاج إلى موزعين في ترويج أكبر مبيعاتها بين أعداد كبيرة من المستثمرين– باعتبارها شركة لإدارة الأصول ذات شهرة عالمية. ويرجح “لو” أن تستمر النسبة التي تدفعها “بلاك روك” مرتفعة في المدى القريب عندما تطلق شركة إدارة الأصول الأميركية صناديق جديدة.

خسائر الصناديق

انكمشت قيمة صندوق استثمار “بلاك روك تشاينا نيو هورايزون ميكسد سيكيوريتيز” (BlackRock China New Horizon Mixed Securities)، الذي جمع 6.7 مليار يوان، إلى نحو 5 مليارات يوان في 31 مارس الماضي بسبب الخسائر واسترداد المستثمرين أموالهم، وفق تقرير نتائج الربع الأول. وقد انخفضت قيمة الصندوق بنسبة بلغت 27.6% في أواخر شهر أبريل مقارنة مع قيمته عند التأسيس، قبل أن تسهم موجة صعود في الأسواق في تقليص خسائره إلى 6% بحلول 7 يوليو. يظل هذا الأداء رغم ذلك أفضل من أداء مؤشر الأسهم الصينية “سي إس آي 300” (CSI 300)، الذي فقد 11% من قيمته.

خسر الصندوق الثاني الذي أطلقته الشركة في يناير ويركز على أسهم هونغ كونغ نحو 7% من قيمته خلال الربع الأول من العام وكان يدير نحو 500 مليون يوان في 31 مارس.

إن عدم اللجوء إلى خدمات الموزعين أمر مكلف أيضاً. فحتى يحقق صندوق يبيع وثائقه مباشرة نقطة التعادل يحتاج على الأقل أن تبلغ قيمة المبيعات القائمة مستوى مليار يوان، وقد أصبح جذب عملاء جدد عبر شبكة الإنترنت أعلى تكلفة، بحسب جاو شياوجي، مدير تسويق في شركة “شينجين دولار تكنولوجي” (Shenzhen Dollar Technology)، التي تقدم الاستشارات إلى شركات إدارة الأموال.

الاستثمار طويل الأجل

مع ذلك، تلعب شركات إدارة الصناديق العالمية لعبة الاستثمار طويل الأجل إدراكا منها لفرص النمو في المستقبل. وقطاع صناديق الاستثمار يشكل فعلا أكبر شريحة في سوق إدارة الأصول في الصين، حيث تجاوزت قيمة الأصول المدارة منتجات إدارة الثروة التابعة للبنوك في 31 مارس الماضي، بحسب تقديرات شركة “هواباو سكيوريتيز” (Hwabao Securities).

قالت سوزان تشان، رئيسة فرع شركة “بلاك روك” في الصين الكبرى: “رغم أن تحديات السوق شديدة الصعوبة إلى حد مدهش في العام الحالي، فإن تقدم (بلاك روك) في تأسيس منصة استثماراتها، وإطلاق الصناديق وبناء قدراتها في الصين سوف يُعِدّها ويُجهِّزها لتحقيق نمو كبير في المدى الطويل”.

قال إدي ونغ، الرئيس التنفيذي لشركة “تشاينا إنترناشيونال فاند مانجمنت”، وهي مشروع استثمار مشترك مع بنك “جيه بي مورغان”، إن سوق إدارة الأصول في الصين توفر “فرصة هائلة” لتحقيق النمو للشركات المحلية والأجنبية على السواء.

منافسة عنيفة

في المدى القريب، سيحتاج اللاعبون الأجانب في هذه السوق إلى الكمون والاستعداد. فقد أقرّت “لجنة تنظيم الأوراق المالية في الصين” سياسات جديدة في أبريل الماضي من أجل تسريع وتيرة النمو في القطاع، بتشجيع البنوك وشركات التأمين وشركات الأوراق المالية على تأسيس صناديق، مع تيسير الضوابط على عدد التراخيص التي يسمح لها بالحصول عليها.

في شهر يونيو، تابعت “جمعية إدارة الأصول في الصين” بإصدار إرشادات حول الأجور والتعويضات، تشترط تأجيل مكافأة الأداء بالنسبة للمديرين وكبار الموظفين في الصناديق لمدة ثلاثة أعوام على الأقل. سوف يزيد ذلك من صعوبة صيد المواهب من الشركات المحلية من قبل المؤسسات العالمية المنافسة، وفق تقديرات صن غويبينغ، محللة في شركة “شنغهاي سكيوريتيز” (Shanghai Securities).

قالت صن: “إن الشركات العالمية انطلقت ببداية ليست سيئة للغاية، غير أن المنافسة تحتدم قطعاً، وعليها أن تحدد مواقعها الخاصة، وأن تؤسس علامات تجارية محلية لنفسها مع سابقة أعمال جيدة نسبياً”.

ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *