الخميس 9 شوال 1445هـ 18-أبريل-2024م
ADVERTISEMENT

صناديق الريت والتقلبات في الأسواق

د.صلاح بن فهد الشلهوب

تحديات كثيرة تواجه الاقتصاد اليوم، فبعد أن خفت وطأة الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين بدا القلق واضحا من أزمة صحية تواجه العالم بدأت من الصين في ولاية ووهان الصينية بمرض فيروس كورونا الذي بدأ ينتشر حول العالم، وما زال القلق من هذا المرض يتصاعد خصوصا أنه بدأ من الصين -مصدر كثير من الصناعات والمنتجات حول العالم- فهو ليس أزمة صحية فقط بل أزمة تجارية واقتصادية بصورة عامة فيما لو لم تتمكن الصين ودول العالم من الحد من تفشي هذا المرض، إضافة إلى ذلك اتخاذ مجموعة من دول العالم إجراءات لتخفيض الفائدة خصوصا في الولايات المتحدة التي بدأت تخفيض معدل الفائدة وتم تثبيت هذا المعدل خلال الأيام الماضية والمتوقع أن تكون هناك دراسة لمزيد من التخفيض في معدل الفائدة في المرحلة المقبلة.

هذه المتغيرات لا شك أن لها تأثيرها في السوق وانعكاساتها بدأت تظهر على بعض الشركات عالميا ومحليا، وهذه الآثار مرشحة لأن تتطور مستقبلا عطفا على نتائج المتغيرات وهناك احتمالات لمستجدات أخرى قد تؤثر في السوق.

في ظل المتغيرات السابقة كيف سيكون أداء الصناديق العقارية المتداولة “الريت” في ظل تقلبات يمكن أن تطرأ على السوق؟
صناديق الريت تعد من الاستثمارات متوسطة المخاطر نسبيا فلا تقارن بالأسهم من جهة ارتفاع المخاطر، ولذلك في مثل هذه الأزمات تلجأ السيولة إلى المناطق الآمنة فبعض المستثمرين يفضل الاستثمارات التي توصف بالآمنة نسبيا مثل الذهب وبعضهم يميل إلى الاستثمار في الأدوات منخفضة المخاطر مثل السندات والصكوك الإسلامية، إلا أن هذه الأزمات لم تصل إلى مرحلة خطرة جدا حيث إنها تصل بالأسواق إلى انهيارات كبيرة حيث إن العالم مر سابقا بأزمات مشابهة مثل انتشار أمراض مثل أنفلونزا الطيور والخنازير، فرغم خطورة المرض وسرعة انتشاره إلا أنه ما زال في مراحل التقييم المبدئي وانتشاره حاليا محصور في الصين باستثناء حالات مصابة وصلت إلى دول أخرى والإجراءات الصينية الصارمة للحد من انتشاره تعد فاعلة نسبيا في منع اتساع انتشاره داخل الصين وخارجها، أما ما يتعلق بالانخفاض في معدل الفائدة فله تأثير في تحول رؤوس الأموال إلى الاستثمار في بدائل لها باعتبار أن فوائدها أضعف من ذي قبل بل الاتجاه العام للفائدة يميل إلى الانخفاض، ما لا يشجع المستثمرين على استمرار بقاء أموالهم لذا يميل المستثمرون إلى البحث في خيارات أخرى تزيد فرص نمو عوائد استثماراتهم.

هنا تأتي مسألة تقييم الفرص في الصناديق العقارية المتداولة “الريت” حيث إنها تعد واحدة من الخيارات للمستثمرين التي تتأثر قطعا بالسوق فهي تعتمد على الاستثمار في القطاع العقاري وهذا القطاع يتأثر بتقلبات السوق إلا أن من المؤكد أن تأثيرها أخف من الاستثمارات الأخرى خصوصا عالية المخاطر مثل الأسهم كما أن تأثر فوائدها غالبا على المديين المتوسط أو البعيد نسبيا باعتبار أنها تعتمد على عوائد تقريبا ثابتة لمدة طويلة نسبيا، باحتمال تأثيرها من الأحداث المؤقتة محدود مقارنة بغيرها من الاستثمارات، لكن في المقابل لا يعني هذا أنها بعيدة عن التأثر بتقلبات السوق حيث إن هذه العقبات تؤثر بصورة عامة أحيانا في السوق، ما لا يجعلها في منأى عن التأثر بالسوق، لكن المراقب لها سيجد أنه يفترض أن تكون أقل تأثرا من الأسهم بل سيلاحظ المستثمر أنها آمنة نسبيا على المدى البعيد خصوصا إذا ما كانت اختيارات المستثمر جيدة وواعدة إذ إن صناديق الريت تتفاوت في نوع الاستثمار وهنا تأتي أهمية دراسة الاتجاهات العامة بعيدة المدى في السوق التي تحقق عائدا ثابتا على المدى المتوسط وتحسنا في العوائد على المدى البعيد، ولذلك فان الصناديق العقارية المتداولة تعد خيارا جيدا للاستثمارات التي لا تتأثر بشكل ظاهر بسبب الأزمات المؤقتة، وهي ذات عائد مناسب مقارنة بالاستثمارات منخفضة المخاطر كما أن الملاذات التي تصنف بأنها آمنة مثل الذهب وغيره لا تحقق عائدا فعليا كما أنها تنخفض غالبا عند استقرار الأوضاع الاقتصادية وإن كانت أسعارها تأخذ الاتجاه التصاعدي على المدى البعيد.

الخلاصة: إن الاستثمار في الصناديق العقارية المتداولة وقت الأزمات يمكن أن يخفف حدة التقلبات التي يمكن أن تشهدها الأسواق خصوصا الاستثمارات عالية المخاطر، حيث إنها وإن كانت تتأثر بالسوق إلا أن تأثرها لا يكون آنيا باعتبار أنها تعتمد على عوائد مستقرة نسبيا على المدى المتوسط فهي تتأثر بالتقلبات والمتغيرات على المدى الطويل بصورة أكبر.

نقلاً عن صحيفة الاقتصادية

ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *