الجمعة 19 رمضان 1445هـ 29-مارس-2024م
ADVERTISEMENT

عوائد الصناديق السيادية

د. أنور أبو العلا

تقرير صندوق النقد يوصي دول الخليج بتبني سياسة مالية تؤدي (تستهدف) تحقيق السيناريو الذي يسميه الصندوق سيناريو الدخل الدائم (PIH).

يتطلب هذا السيناريو إدخار جزء كافٍ من إيرادات البترول واستثمارها في أصول مالية تدر عوائد (dividends) تحل مكان عوائد البترول.

السؤال الجوهري هو: هل الأصول (الاستثمارات) المالية يُمكنها أن تدر عوائد تحل مكان عوائد البترول؟

إيرادات (أو بالأحرى عوائد) البترول التي تدخل ميزانيات حكومات دول الخليج هي أموال متاحة جاهزة للصرف الفعلي على احتياجات الدولة.

لا يوجد عوائد مُجْزية -وفق الواقع الفعلي- للأصول (الاستثمارات) المالية سواء في دول الخليج أو دول غير دول الخليج لتحل مكان عوائد البترول.

سنأخذ مثالاً صندوق النرويج (أكبر صندوق سيادي) قيمته السوقية تتجاوز تريليون دولار الآن. تجمعت ثروة الصندوق من إيداع عوائد البترول. وكذلك ارتفاع القيمة السوقية لأصول الصندوق. لكن عندما تعرض صندوق النرويج لأول تجربة للسحب من عوائده لتغطية عجز ميزانية 2016 أفاد Oystein Olsen رئيس البنك المركزي (المشرف على الصندوق) بأن السحب لتغطية عجز الميزانية يؤدي إلى انخفاض قيمة الصندوق بمقدار 50 % بعد 10 سنوات. وبأنه يجب على وزيرة المالية إيجاد مصادر أخرى لتغطية العجز (انظر المقال في هذه الزاوية بتاريخ 14 مايو 2017 بعنوان: صندوق النرويج السيادي مُعرض للإفلاس).

مثال آخر سنأخذه من دول الخليج وهو صندوق الأجيال القادمة الذي تملكه شقيقتنا الكويت. والسبب في اختياري صندوق الأجيال الكويتي لأن تقرير صندوق النقد يقول بالنص الحرفي (انظر الرسم البياني: Figure-15) بأن جميع دول الخليج ستتحول ثرواتها المالية إلى سالبة قبل العام 2042. ما عدا الكويت ستتأخر (بفضل صندوق الأجيال) إلى العام 2052. ثم تتحول ثروات الكويت المالية سالبة وتلحق ببقية شقيقاتها دول الخليج العام 2052.

المعروف أن الكويت تضيف 10 % (حوالي 5.25 مليارات دولار) من إيرادات الميزانية كل سنة إلى صندوق الأجيال ولا تسحب منه أبداً.

بينما تبلغ قيمة صندوق الأجيال 501 مليار دولار العام 2020 وبحساب معدل نمو سنوي في القيمة السوقية 4 % (أسوة بصندوق النرويج) فإن قيمته السوقية ستصبح 1.757 تريليون دولار العام 2052. فلو أضفنا الذي تضيفه الكويت كل سنة إلى الصندوق ستصبح قيمة الصندوق السوقية 1.925 تريليون دولار العام 2052. فلو كان للصناديق السيادية عوائد كما يزعم صندوق النقد ولو منخفضة حوالي 2.6 % فإن العائد السنوي سيكون 50.05 مليار دولار في السنة الواحدة وهو يُساوي كامل إيرادات ميزانية الكويت الآن.

هذا افتراض خيالي كافتراض صندوق النقد بأن الصناديق السيادية تدر عوائد صافية (dividends). لكن قول الصندوق إن الكويت ستتحول ثروتها المالية إلى سالبة دليل واضح أن الصناديق السيادية لا تدر عوائد آمنة ومستدامة يُمكن سحبها بدون تآكل أصول الصندوق السيادي.

ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *