الثلاثاء 9 رمضان 1445هـ 19-مارس-2024م
ADVERTISEMENT

قارن أداءك بأداء صناديق الاستثمار

د. فهد الحويماني

كثير من الناس يسمع عن سوق الأسهم ويود المشاركة فيه، فيقوم بفتح حساب استثماري لدى أحد البنوك ويبدأ محاولة استيعاب ما يدور في هذه الساحة الكبيرة من شد وجذب وارتفاعات وانخفاضات، فيتوه بين التحليلات والآراء والتوصيات ليجد نفسه يشتري ويبيع من هنا وهناك، بين أفراح وأتراح وابتهاجات وانكسار.

هل صناديق الاستثمار تناسب الجميع؟

صناديق الاستثمار العامة هي عبارة عن محافظ تدار من قبل أخصائيين يعملون في مؤسسات مالية مرخصة تعمل وفق استراتيجيات وأهداف استثمارية محددة، وبالتالي فهذه الصناديق هي الوسيلة المفضلة لمن لا يملك المعرفة أو الوقت اللازم للقيام بالاستثمار بنفسه. وبالتالي فهي لا تناسب جميع الناس، لكن هي الخيار الأنسب لكثير من الناس ممن اتخذ القرار بالاستثمار في الأسواق المالية.

كيف يقوم الشخص باختيار صندوق الاستثمار؟

قبل اختيار الصندوق يجب على الشخص تحديد درجة المخاطرة التي يقبل بها، وتحديدا تعني تحديد أقصى مدة يستطيع ترك أمواله لدى الصندوق، وتحديد نسبة الانخفاض في سعر الصندوق الممكن له تقبلها في أي وقت من الأوقات. عندما يتم تحديد المدة ونسبة الانخفاض يستطيع الشخص، أن يحدد نوع الصندوق، هل هو مختص بالأسهم أو السندات أو السلع أو العقار، أو متنوع، أو أن يكون صندوقا يستثمر في عدد من الصناديق، ما يسمى صندوق الصناديق.

يوجد في موقع شركة السوق المالية “تداول” صفحات خاصة بصناديق الاستثمار يمكن من خلالها استعراض جميع الصناديق المتاحة واختيار الصندوق المناسب بسهولة.

ما الفرق بين نسبة المصاريف والأتعاب الإدارية ورسوم الاشتراك؟

جميع الصناديق ملزمة بالإفصاح عن جميع المصروفات المالية التي يتم استقطاعها من أموال الصندوق، كون أموال الصندوق هي أموال المشاركين في الصندوق، ومن السهولة بمكان قيام الصندوق بتحميل مصروفات كثيرة على المساهمين، بدلا من دفعها من أموال الجهة القائمة على الصندوق. نسبة المصاريف تعني جميع المصروفات التشغيلية من مرتبات موظفين ومصاريف شهرية مرتبطة بتشغيل الصندوق، كرسوم الحفظ والمراجعة ورسوم السوق المالية. أما الأتعاب الإدارية فهي مصروفات إدارية وتسويقية مختلفة، كأي مؤسسة أو شركة. ورسوم الاشتراك عبارة عن عمولة شراء وحدات في الصندوق وتكون على شكل نسبة من رأس المال.

على سبيل المثال، صندوق يذكر أن نسبة المصاريف 0.75 في المائة، والأتعاب الإدارية 1.75 في المائة، وللاشتراك يدفع الشخص 1.50 في المائة، ومن المعروف أن هيئة السوق المالية تلزم جميع الصناديق بعرض هذه المصروفات بشكل واضح ومفصل مع أمثلة.

ما الذي يحدد نسبة المصاريف الإجمالية للصندوق؟

النسب المعقولة للرسوم تعتمد على أمرين، الأول ما إذا كان الصندوق يدار بطريقة نشطة، وهذا تقريبا جميع صناديق الاستثمار التقليدية، أو أن الصندوق يدار بطريقة ساكنة، أي أن دور مدير الصندوق يقتصر على ملاحقة تركيبة مؤشر استرشادي معين، فيشتري كميات معينة من الأسهم ليصبح أداء الصندوق مطابقا أو قريبا جدا لأداء المؤشر الاسترشادي. ولذلك فإن المصاريف الإجمالية في هذه الحالة تكون قليلة جدا، ومثال ذلك صناديق المؤشرات المتداولة، التي يوجد منها في المملكة صندوقان لشركة فالكوم وصندوق لشركة إتش أس بي سي، كما يوجد صناديق استثمار تقليدية تدار بطريقة ساكنة.

نسبة المصاريف كذلك تكون أقل في حالة صناديق المرابحة، أو صناديق الأسواق النقدية، وذلك لضخامة حجم هذه الصناديق ومحدودية أساليب الاستثمار المتبعة فيها، كونها تستخدم كأدوات قصيرة ومتوسطة المدى لإدارة النقدية، من خلال الإقراض والاستثمار في سندات عالية الأمان، وبالتالي يكون العائد من هذه الصناديق متدنيا جدا، في الأغلب لا يتجاوز 3 في المائة في العام.

بشكل عام، كل ما تنوعت استثمارات الصندوق وارتفعت نوعية المهارة المطلوبة من مدير الصندوق ارتفعت نسبة المصروفات من إجمالي أصول الصندوق.

ما تأثير المصاريف الإجمالية على أداء الصندوق؟

لو كان شخص لديه 100 ألف ريال، وقرر أن لديه الاستعداد للاستثمار لخمسة أعوام، على سبيل المثال، ولا يمانع بالقبول بانخفاضات في سعر الصندوق تصل إلى 20 في المائة وأكثر، فيمكن أن يتجه لأحد صناديق تنمية رأس المال، ولتكن نسبة المصاريف لدى هذا الصندوق 0.75 في المائة والأتعاب الإدارية 1.75 في المائة والاشتراك 1.50 في المائة، لذا سيحتاج لدفع 1500 ريال للاشتراك، وفي كل عام سيتم استقطاع تقريبا 2500 ريال من رأس ماله. طريقة حساب مبالغ الاستقطاع وتوقيتها تتم بشكل يومي ومن خلالها يتحدد سعر وحدة الصندوق الذي ينشر مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع غالبا.

النقطة المهمة هنا هي أن سعر الصندوق المعلن هو السعر النهائي بعد جميع المصرفات، وهذه نقطة مهمة كونها قد تعني لدى البعض أنه طالما أن سعر الوحدة بارتفاع فلم الاهتمام بمصاريف الصندوق؟ الحقيقة أن مصاريف الصندوق ثابتة بغض النظر عن اتجاه سعر الوحدة، هذا أولا، وثانيا هناك مفهوم الأداء النسبي وليس المطلق، بمعنى إنه حتى لو كان أحد الصناديق لديه أداء رائعا 20 في المائة، إلا أن هذا الأداء ربما أقل من أداء المؤشرات الرئيسة، وربما أقل من أداء المؤشر الاسترشادي الذي يتبعه الصندوق. وأخيرا هذه المصاريف بالرغم من أنها تبدو قليلة، في حدود 3 في المائة سنويا، إلا أن حجمها مع مرور الوقت قد يعادل أو يزيد على العائد المتحقق للمستثمر في الصندوق.

هل أداء الصناديق عام 2020 سيتكرر عام 2021؟

الصناديق المتميزة عادة يكون لديها إدارة متميزة، وبالرغم من ذلك لا يمكن الاستمرار بالأداء نفسه من عام لآخر، وإذا كان الصندوق يدار بطريقة نشطة ودون محاكاة لأداء مؤشر استرشادي، فمن الممكن أن يكون الأداء متذبذبا أكثر وأكثر. وبالرغم من ذلك، يمكن من خلال موقع “تداول” مشاهدة أداء الصندوق لعدة أعوام، وليس فقط لعام واحد، ومنها ممكن أن يستشف المستثمر مدى احترافية إدارة الصندوق وتميزها.

في المركز الأول لأفضل عشرة صناديق استثمارية ممن يستثمر في السوق السعودية بهدف تنمية رأس المال لعام 2020 نجد صندوق أصول وبخيت، وهو صندوق متخصص بالاستثمار في السوق الموازية، وهي سوق جديدة مخصصة للشركات التي لا تنطبق عليها شروط السوق الرئيسة، وهي شركات واعدة وجيدة بشكل عام، إلا إن المخاطرة فيها أعلى من شركات السوق الرئيسة وبالتالي من الممكن تحقيق عوائد أعلى من شركات السوق.

ومن الجدول يلاحظ أن متوسط الأداء، باستثناء الصندوق الأول، كان 21.51 في المائة، وهذا أفضل بكثير من أداء مؤشر السوق “تاسي”، الذي أنهى عام 2020 بارتفاع 3.58 في المائة.

أما الصناديق التي تستثمر بغرض تنمية رأس المال في الأسهم الدولية فكان أداؤها أفضل من نظيرتها داخل المملكة، حيث كان الأداء في المتوسط 26.07 في المائة.

صناديق المحافظة على رأس المال هدفها الرئيس تجنب المخاطرة والقبول بعائد متواضع، وتستثمر في الأغلب في أسواق النقد متدنية العائد، وهي تناسب من لديه مبلغ من المال يحتاجه قريبا ويود الحصول على فائدة أعلى مما هو متاح من خلال الودائع البنكية. هنا متوسط العائد كان 2.90 في المائة.

متوسط أداء أفضل عشرة صناديق للنمو والدخل بلغ 14.68 في المائة، وميزة هذه الصناديق أنها تستثمر في شركات لديها نمو جيد ولديها توزيعات نقدية كل ثلاثة أشهر غالبا، فهي تناسب أولئك الذين يبحثون عن استثمار على المدى الطويل مع أرباح نقدية دورية.

خاتمة

تم في هذا التحليل إلقاء نظرة على صناديق الاستثمار المتاحة للمستثمرين داخل المملكة، حيث رأينا أن القرار الأول للمستثمر هو تحديد المدة الزمنية المخصصة للاستثمار وتحديد مدى قدرته على تحمل مخاطر الانخفاض في أسعار الصناديق. لذا فمن لديه ارتباطات مالية خلال عدة أشهر إلى عام أو عام ونصف العام، فربما الأفضل له القبول عائدات متدنية من خلال أحد صناديق المحافظة على راس المال. ومن لديه مبلغ كبير نسبيا من المال ويود استثماره، لكنه بحاجة إلى الحصول على دخل دوري، فيمكنه اختيار أحد صناديق الدخل أو النمو والدخل معا.

ومن له نظرة معينة على حركة بعض الأسواق الدولية الأخرى أو لديه وجهة نظر خاصة بالعقار أو السلع فيمكنه الاستثمار في أحد الصناديق المتخصصة.

وفي النهاية، لا تختلف صناديق الاستثمار في وجود عنصر المخاطرة بها، وإن كان بدرجات متفاوتة، إلا أن ما يميزها أنها تغني الشخص عن الاستثمار بنفسه وتقدم خيارات كثيرة لا يمكن للشخص العادي أن يعملها بنفسه.

نقلاً عن الاقتصادية

ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *