السبت 18 شوال 1445هـ 27-أبريل-2024م
ADVERTISEMENT

الصناديق السيادية ودعم الاقتصاد

فدوى سعد البواردي

يرمز مصطلح «الصندوق السيادي» إلى صندوق استثماري تملكه الدولة، ويتكون من أصولًا حكومية من فائض الاحتياطيات، وأهم أهدافه هو تعزيز تنوع الاقتصاد، ودعم الاقتصاد الوطني، وكذلك تحقيق دوراً اقتصادياً بارزاً على الساحة العالمية، وكسب النفوذ الجيوسياسي، مما يحقق الطموحات الاقتصادية والسياسية للدولة التي تملكه.

وفي المملكة العربية السعودية، تأسس صندوق الاستثمارات العامة في العام 1971 ميلادياً، وقد تطور وأكتسب نفوذاً كبيراً في السنوات القليلة الماضية. فقد عمل الصندوق في عام 2020 على إدارة أصول بقيمة 400 مليار دولار، وحالياً يدير الصندوق أصولاً تُقدر بأكثر من 607 مليارات دولار ليصل إلى المرتبة السادسة عالمياً. ويمتلك الصندوق محفظة تتكون من أكثر من 200 استثمار، منها نحو 20 استثماراً مدرجاً في السوق المالية السعودية.

وقد أعلن الصندوق مؤخراً عن إطلاق الشركة الوطنية للاستثمار في قطاع السيارات والتنقل «تسارُع لاستثمارات التنقل»، وهي شركة استثمارية متخصصة في تطوير القدرات المحلية لسلاسل إمداد قطاع السيارات والتنقل في المملكة. وتهدف الشركة إلى دعم نمو القطاع وتحقيق عوائد طويلة الأمد من خلال توطين خبرات التصنيع والتقنيات المتقدمة.

وحتى اليوم، أطلق صندوق الاستثمارات العامة نحو 35 شركة في قطاعات استراتيجية في المملكة، دعماً لتحول الاقتصاد المحلي، فقد أعلن خلال العام الحالي 2023 عن تأسيس نحو 10 شركات، بينما أسس خلال العام الماضي نحو 25 شركة ليصل عدد شركات المملوكة للصندوق خلال العامين 2022 و2023 ما يبلغ مجموعه 35 شركة، وبالتالي تم خلق أكثر من 181 ألف وظيفة جديدة لأبناء وبنات الوطن. وفي عام 2022 وحده، استثمر الصندوق نحو 120 مليار ريال في العديد من القطاعات الاستراتيجية، وبلغ حجم أصوله نحو 2.23 تريليون ريال.

وقد تجاوزت ملكية صندوق الاستثمارات في 3 من الشركات الكبرى أكثر من 100 مليار ريال، ففي شركة أرامكو بلغت ملكية الصندوق السوقية نحو 292.16 مليار ريال، ثم في شركة الاتصالات بلغت الملكية ما قيمته نحو 125.12 مليار ريال، وفي شركة معادن بلغت ما قيمته نحو 107.31 مليار ريال. وبالإضافة إلى ذلك، فقد أعلنت شركة لوسيد غروب المتخصصة في صناعة السيارات الكهربائية موافقة صندوق الاستثمارات العامة على شراء 265.7 مليون سهم إضافي الشركة، بقيمة تبلغ 1.8 مليار دولار تقريباً، وذلك ضمن طرح خاص لأسهم الشركة.

كما يدعم الصندوق عدة مشاريع ضخمة، تماشياً مع رؤية 2030، ومنها مدينة نيوم بقيمة 500 مليار دولار ومشروع البحر الأحمر السياحي، وروشن للتطوير العقاري، ومشروع القدية الترفيهية، ومشروع الدرعية التراثي.

وحسب استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة للأعوام الخمسة المقبلة، فإن المملكة تهدف إلى مضاعفة حجم أصول الصندوق ليتجاوز التريليون دولار في 2025، وصولًا إلى 2.7 تريليون دولار في 2030 كهدف مستقبلي، مع التزام صندوق الاستثمارات العامة باستثمار أكثر من 200 مليار دولار في الاقتصاد المحلي بحلول عام 2025. كما يعمل الصندوق أيضاً على تحفيز القطاع الخاص في المملكة من خلال الاستثمار في القطاعات الحالية والمستقبلية، وكذلك دعم تطوير القدرات والكفاءات الوطنية.

وفي العام 2022، دعمت العائدات، من خلال الأسعار المتصاعدة للنفط وكذلك قوة الدولار، صندوق الاستثمارات العامة السعودي حيث ضاعف استثماراته إلى 3 أضعاف في شركات أميركية مدرجة في بورصة “وول ستريت”، كما قام بضخ أكثر من 7 مليارات دولار في شركتي “أمازون” و “الفابيت” وبنك “جي بي مورغان”، وغيرها الكثير من الاستثمارات النوعية الخارجية الأخرى.

وجميع ما تم ذكره هو دلالة على دور الصناديق السيادية بشكل كبير وفعال في نمو التنمية الاقتصادية والصناعية المحلية والوطنية، وتعزيزها لتنوع اقتصادات الدول، ودعم الابتكار والاقتصاد الرقمي واقتصاد المعرفة من خلال الاستثمارات الاستراتيجية في مجالات التقنية والبحث والتعليم والابتكار، وغيرها من القطاعات الوطنية المهمة.

 

* نقلا عن صحيفة مال – نشر في 19 أكتوبر  2023 *

ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *